responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 345


هو في علمه بتنزيه خالقه فأخرجه بالقول والذكر من القوة إلى الفعل فربما أثر ذلك في نفوس السامعين ممن كان لا يعتقد في الله أنه بذلك النعت من التنزيه فالعبد حجاب على الحق فإن ظاهر الآثار إنما تدرك في العموم وتنسب للأسباب التي وضعها الحق ولهذا يقول العبد فعلت وصنعت وصمت وصليت ويضيف إلى نفسه جميع أفعاله كلها لحجابه عن خالقها فيه ومنه ومجريها فكما صار الخف حجابا بين المتوضئ وبين إيصال الوضوء إلى الرجل وانتقل حكم الطهارة إلى الخف كذلك تنزيه الإنسان خالقه وهو الطهارة والتقديس لما لم يتمكن في نفس الأمر إيصال أثر ذلك التنزيه إلى الحق لأنه منزه لذاته انتقل حكم أثر ذلك التنزيه إلى الإنسان المنزه الذي هو حجاب على خالقه من حيث إن للتنزيه العملي أثرا في المنزه وقبله الإنسان كما قبل الخف الطهارة بالمسح المشروع فيكون العبد هو الذي نزه نفسه عن الجهل الذي قام بنفس الجاهل الذي نسب إلى الحق ما لا يليق به ولا تقبله ذاته يقول الله في الخبر الصحيح إنه رجل العبد التي يسعى بها والحس إنما يبصر العبد يسعى برجله فلما لبس الخف وهو عين ذات العبد انتقل حكم الطهارة إليه إنما هي أعمالكم ترد عليكم فمتعلق الحكم الخف ومن هذا الباب كان جواز المسح على الإطلاق سفرا وحضرا فالحضر منه هو التنزيه الذي يعود عليك فتقول سبحاني في هذه الحالة كما نقل عن رجال الله فكان مشهد من قال سبحاني هذا المقام الذي ذكرناه والسفر هو التنزيه الذي ينتقل من تلفظك به في التعليم إلى سمع المتعلم السامع فيؤثر في نفس السامع حصول ذلك العلم فتطهر محله من الجهل الذي كان عليه في تلك المسألة هذا القدر من انتقاله من العالم المعلم إلى المتعلم يسمى سفرا لأنه أسفر له بهذا التعليم بما هو الأمر عليه فطهر محله ومن هذا الباب أيضا إن لباس الخف وما في معناه من جرموق وجورب مما يلبس ويستر حد الوضوء من الرجل عرفا وعادة ولما كان من أسماء الرجل في اللسان القدم كان هذا مما يقوي القدمية في القدم إذ كان القدم يقال في اللسان بالاشتراك إذ هو عبارة عن الثبوت يقال لفلان في هذا الأمر سابقة قدم يريد أن له أساسا ثابتا قديما في هذا الأمر كما يقال في الرجل بالاشتراك أيضا أعني إطلاق هذه اللفظة في اللسان يقال رجل من جراد أي قطعة وجماعة من جراد فإذا قال قائل إن الرجل يسخن بالخف يعلم قطعا أنه يريد العضو الخاص المعروف فقرائن الأحوال ودلالات الألفاظ بالصفات تعين ما كان مبهما بالاشتراك فانتقل حكم الطهارة إلى الخف بعد ما كان متعلقها الرجل ولكن إذا كان ملبوسا فيطهر مما يمكن أن يتعلق به مما يمنع من ذلك حكما وعينا وكذلك لما نسب القدم إلى الله تعالى في حديث يضع الجبار فيها قدمه ربما وقع في نفس بعض العقلاء أن نسبة القدم إلى الله تعالى ما هو على حد ما ينسب إلى الإنسان أو لكل ذي رجل وقدم وأن المراد به مثلا أمر آخر وغفلوا عن أقدام المتجسدين من الأرواح فأزال الله سبحانه هذا التوهم من القائل به بما نسب إلى نفسه من الهرولة التي هي الإسراع في المشي مع تقدم وصف القدم فالحق بمن يمشي على رجلين لا بمن يمشي على البطن مع التحقق بليس كمثله شئ لا بد من ذلك فلا نصفه ولا ننسب إليه إلا ما نسبه إلى نفسه أو وصف نفسه به فما نسب الهرولة إليه إلا ليعلم أنه أراد القدم الذي يقبل صفة السعي وحكمه على ما يليق بجلاله لأنه المجهول الذي لا يعرف ولا يقال هو النكرة التي لا تتعرف قال تعالى ولا يحيطون به علما وما نقول أراد بنسبة القدم ما عينته المنزهة على زعمها واقتصرت عليه فجاء بالهرولة لإثبات القدمية وأقامه مقام الخف للقدم في إزالة الاشتراك المتوهم فانتقل التنزيه إلى الهرولة من القدم وقد كان القائل بالتنزيه مشتغلا بتنزيه القدم فلما جاءت الهرولة انتقل التنزيه إليها كما انتقل حكم طهارة القدم إلى الخف فنزه العبد ربه عن الهرولة المعتادة في العرف وإنها على حسب ما يليق بجلاله سبحانه فإنه لا يقدر أن لا يصفه بها إذ كان الحق أعلم بنفسه وقد أثبت لنفسه هذه الصفة فمن رد نسبتها إليه فليس بمؤمن ولكن الذي يجب عليه أن يرد العلم بها إلى الله أعني علم النسبة وأما معقولية الهرولة فما خاطب أهل اللسان إلا بما يعقلونه فالهرولة معقولة وصورة النسبة مجهولة وكذلك جميع ما وصف به نفسه مما توصف به المحدثات وليس الغرض مما ذكرنا إلا جواز انتقال الطهارة من محل إلى محل آخر بضرب من المناسبة والشبه وإنما قلنا بالجواز لا بالوجوب فإن الوجوب يناقض الجواز ولصاحب الخف أن يجرد خفه ويغسل رجليه شرعا أو يمسحها بالماء على ما يقتضيه مذهبه في ذلك ولا مانع له من ذلك وكذلك هذا العاقل قد يبقى على تنزيهه للقدم ولا ينتقل إلى الهرولة

345

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست