responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 328


فكان بيته الايمان وحده من القبلة الصلاة ومن الشمال الصوم ومن الغرب صدقة السر ومن الشرق الحج فلقد سعد ساكنه واعلم أن لا إله إلا الله كلمة نفي وإثبات وهي أفضل كلمة قالتها الأنبياء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة فيه إشارة لدعاء العارفين بالله وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وهو حديث صحيح رواية ومعنى فالنفي لا بد أن يرد على ثابت فينفيه فإنه إن ورد النفي على ما ليس بثابت وهو النفي أثبته لأن ورود النفي على النفي إثبات كما إن عدم العدم وجود فما نفى هذا النافي بقوله لا إله أخبرونا فقد استفهمناكم والمثبت أيضا هل حكمه حكم المنفي من أنه لا يثبت إلا المنفي أو حكمه حكم آخر يتميز به عن حكم النفي فأي شئ نفى هذا النافي وأي شئ أثبت هذا المثبت هذا كله لا بد من تحقيقه إن شاء الله فاعلم إن النفي ورد على أعيان من المخلوقات لما وصفت بالألوهية ونسبت إليها وقيل فيها آلهة ولهذا تعجب من تعجب من المشركين لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله الواحد فأخبرنا الله عنه أنه قال أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب فسموها آلهة وهي ليست بهذه الصفة فورد حكم النفي على هذه النسبة الثابتة عندهم إليها لا في نفس الأمر لا على نفي الألوهية لأنه لو نفى النفي لكان عين الإثبات لما زعمه المشرك فكأنه يقول للمشرك هذا القول الذي قلت لا يصح أي ما هو الأمر كما زعمت ولا بد من إله وقد انتفت الكثرة من الآلهة بحرف الإيجاب الذي هو قوله إلا وأوجبوا هذه النسبة إلى المذكور بعد حرف الإيجاب وهو مسمى الله فقالوا لا إله إلا الله فلم تثبت نسبة الألوهة لله بإثبات المثبت لأنه سبحانه إله لنفسه فأثبت المثبت بقوله إلا الله هذا الأمر في نفس من لم يكن يعتقد انفراده سبحانه بهذا الوصف فإن ثبت الثبت محال وليس نفي المنفي بمحال فعلى الحقيقة ما عبد المشرك إلا الله لأنه لو لم يعتقد الألوهة في الشريك ما عبده وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ولذلك غار الحق لهذا الوصف فعاقبهم في الدنيا إذ لم يحترموه ورزقهم وسمع دعاءهم وأجابهم إذا سألوا إلههم في زعمهم لعلمه سبحانه أنهم ما لجئوا إلا لهذه المرتبة وإن أخطئوا في النسبة فشقوا في الآخرة شقاء الأبد حيث نبههم الرسول على توحيد من تجب له هذه النسبة فلم ينظروا ولا نصحوا نفوسهم ولهذا كانت دلالة كل رسول بحسب ما كان الغالب على أهل زمانه لتقوم عليهم الحجة فتكون لله الحجة البالغة فعمت هذه الكلمة مرتبة العدم والوجود فلم تبق مرتبة إلا وهي داخلة تحت النفي والإثبات فلها المشمول فمن قائل لا إله إلا الله بنفسه ومن قائل لا إله إلا الله بنعته ومن قائل لا إله إلا الله بربه ومن قائل لا إله إلا الله بنعت ربه ومن قائل لا إله إلا الله بحاله ومن قائل لا إله إلا الله بحكمه وهو المؤمن خاصة والخمسة الباقون ما لهم في الايمان مدخل أما من قال لا إله إلا الله بنفسه فهو الذي قالها من تجليه لنفسه فرأى استفادة وجوده من غيره فأعطته رؤية نفسه أن يقول لا إله إلا الله وهو التوحيد الذاتي الذي أشارت إليه طائفة من المحققين وأما القائل لا إله إلا الله بنعته فهو الذي وحده بعلمه فإن نعته العلم بتوحيد الله وأحديته فنطقه علمه والفرق بينه وبين الأول أن الأول عن شهود وهذا الثاني عن وجود والوجود قد يكون عن شهود وقد لا يكون وأما القائل لا إله إلا الله بربه فهو الذي رأى أن الحق عين الوجود لا أمر آخر وأن اتصاف الممكنات بالوجود هو ظهور الحق لنفسه بأعيانها وذلك أن استفادتها الوجود لها من الله إنما هو من حيث وجوده فإن الوجود المستفاد وهو الظاهر وهو عين الحكم به على هذه الأعيان فقال لا إله إلا الله بربه وأما القائل لا إله إلا الله بنعت ربه فإنه رأى أن الحق سبحانه من حيث أحديته وذاته ما هو مسمى الله والرب فإنه لا يقبل الإضافة ورأى أن مسمى الرب يقتضي المربوب ومسمى الله يطلب المألوه ورأى أنهم لما استفادوا منه الوجود ثبت له اسم الرب إذ كان المربوب يطلبه فالمربوب أصل في ثبوت الاسم الرب ووجود الحق أصل في وجود الممكنات ورأى أن لا إله إلا الله لا تطلبه عين الذات فقال لا إله إلا الله بنعت الرب الذي نعته به المربوب فالعلم بنا أصل في علمنا به يقول عليه السلام من عرف نفسه عرف ربه فوجودنا موقوف على وجوده والعلم به موقوف على العلم بنا فهو أصل في وجه ونحن أصل في وجه وأما القائل لا إله إلا الله بحاله فهو الذي يستند في أموره إلى غير الله فإذا لم يتفق له حصول ما طلب تحصيله ممن استند إليه وسدت الأبواب في وجهه من جميع الجهات رجع إلى الله اضطرارا فقال لا إله إلا الله بحاله وهؤلاء الأصناف كلهم لا يتصفون بالإيمان لأنه ما فيهم من قالها عن تقليد وأما من قال لا إله إلا الله بحكمه فهو الذي قالها لقول الشارع حيث

328

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 328
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست