responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 326


وشهدت الملائكة بتوحيدي بالعلم الضروري من التجلي الذي أفادهم العلم وقام لهم مقام النظر الصحيح في الأدلة فشهدت لي بالتوحيد كما شهدت لنفسي وأولو العلم بالنظر العقلي الذي جعلته في عبادي ثم جاء بالإيمان بعد ذلك في الرتبة الثانية من العلماء وهو الذي يعول عليه في السعادة فإن الله به أمر وسميناه علما لكون المخبر هو الله فقال فاعلم أنه لا إله إلا الله وقال تعالى وليعلموا أنما هو إله واحد حين قسم المراتب في آخر سورة إبراهيم من القرآن العزيز وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح من أمات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ولم يقل هنا يؤمن فإن الايمان موقوف على الخبر وقد قال وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وقد علمنا أن لله عبادا كانوا في فترات وهم موحدون علما وما كانت دعوة الرسل قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة فيلزم أهل كل زمان الايمان فعم بهذا الكلام جميع العلماء بتوحيد الله المؤمن منهم من حيث ما هو عالم به من جهة الخبر الصدق الذي يفيد العلم لا من جهة الايمان وغير المؤمن فالإيمان لا يصح وجوده إلا بعد مجئ الرسول والرسول لا يثبت حتى يعلم الناظر العاقل أن ثم إلها وأن ذاك الإله واحد لا بد من ذلك لأن الرسول من جنس من أرسل إليهم فلا يختص واحد من الجنس دون غيره إلا لعدم المعارض وهو الشريك فلا بد أن يكون عالما بتوحيد من أرسله وهو الله تعالى ولا بد أن يتقدمه العلم بأن هذا الإله هو على صفة يمكن أن يبعث رسولا بنسبة خاصة ما هي ذاته وحينئذ ينظر في صدق دعوى هذا الرسول أنه رسول من عند الله لا مكان ذلك عنده وهذه في العلم مراتب معقولة يتوقف العلم ببعضها على بعض وليس هذا كله حظ المؤمن فإن مرتبة الايمان وهو التصديق بأن هذا رسول من عند الله لا تكون إلا بعد حصول هذا العلم الذي ذكرناه فإذا جاءت الدلالات على صدقه بأنه رسول الله لا بتوحيد مرسله حينئذ نتأهب العقلاء أولو الألباب والأحلام والنهى لما يورده في رسالته هذا الرسول فأول شئ قال في رسالته إن الله الذي أرسلني بقول لكم قولوا لا إله إلا الله فعلم أولو الألباب أن العالم بتوحيد الله لا يلزمه أن يتلفظ به فلما سمع من الرسول الأمر بالتلفظ به وأن ذلك ليس من مدلول دليل العلم بتوحيد الله تلفظ به هذا العالم الموحد إيمانا وتصديقا بهذا الرسول فإذا قال العالم لا إله إلا الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له قل لا إله إلا الله عن أمر الله سمي مؤمنا فإن الرسول أوجب عليه أن يقولها وقد كان في نفسه عالما بها ومخيرا في نفسه في التلفظ بها وعدم التلفظ بها فهذه مرتبة العالم بتوحيد الله من حيث الدليل فمن مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة بلا شك ولا ريب وهو من السعداء فأما من كان في الفترات فيبعثه الله أمة وحده كقس بن ساعدة لا تابع لأنه ليس بمؤمن ولا هو متبوع لأنه ليس برسول من عند الله بل هو عالم بالله وبما علم من الكوائن الحادثة في العالم بأي وجه علمها وليس لمخلوق أن يشرع ما لم يأذن به الله ولا أن يوجب وقوع ممكن من عالم الغيب يجوز خلافه في دليله على جهة القربة إلى الله إلا بوحي من الله وأخبار وهنا نكت لمن له قلب وفطنة لقوله تعالى وأوحى في كل سماء أمرها وقوله إنه أودع اللوح المحفوظ جميع ما يجريه في خلقه إلى يوم القيامة ومما أوحى الله في سماواته وأودعه في لوحه بعثة الرسل فتؤخذ من اللوح كشفا واطلاعا وتؤخذ من السماء نظرا واختبارا وعلمهم ببعثة الرسل علمهم بما يجيئون به من القربات إلى الله وبأزمانهم وأمكنتهم وحلاهم وما يكون من الناس بعد الموت وما يكون منهم في البعث والحشر ومآلهم إلى السعادة والشقاء من جنة ونار وأن الله جعل بروج الفلك ومنازله وسباحة كواكبه أدلة على حكم ما يجريه الله في العالم الطبيعي والعنصري من حر وبرد ويبس ورطوبة في حار وبارد ورطب ويابس فمنها ما يقتضي وجود الأجسام في حركات معلومة ومنها ما يقتضي وجود الأرواح ومنها ما يقتضي بقاء مدة السماوات وهو العلم الذي أشار إليه أبو طالب المكي من أن الفلك يدور بأنفاس العالم ومع رؤيتهم لذلك كله هم فيه متفاضلون بعضهم على بعض فمنهم الكامل المحقق المدقق ومنهم من ينزل عن درجته بالتفاضل في النزول وقد رأينا جماعة من أصحاب خط الرمل والعلماء بتقادير حركات الأفلاك وتسيير كواكبها والاقترانات ومقاديرها ومنازل اقتراناتها وما يحدث الله عند ذلك من الحكم في خلقه كالأسباب المعتادة في العامة التي لا يجهلها أحد ولا يكفر القائل بها فهذه أيضا معتادة عند العلماء بها فإنها تعطي بحسب تأليف طباعها مما لا يعطيه حالها في غير اقترانها بغيرها فيخبرون بأمور جزئية تقع على حد ما أخبروا به وإن كان

326

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 326
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست