responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 282


أن يدقق النظر فيه فينقدح له من المعاني المهلكة ما لا يقدر على ردها بعد ذلك وسبب ذلك الأصل الأول فإنه اتخذه أصلا صحيحا وعول عليه فلا يزل التفقه فيه يسرقه حتى خرج به عن ذلك الأصل وعلى هذا جرى أهل البدع والأهواء فإن الشياطين ألقت إليهم أصلا صحيحا لا يشكون فيه ثم طرأت عليهم التلبيسات من عدم الفهم حتى ضلوا فينسب ذلك إلى الشيطان بحكم الأصل ولو علموا إن الشيطان في تلك المسائل تلميذ له يتعلم منه وأكثر ما ظهر ذلك في الشيعة ولا سيما في الإمامية منهم فدخلت عليهم شياطين الجن أولا بحب أهل البيت واستفراغ الحب فيهم ورأوا أن ذلك من أسنى القربات إلى الله وكذلك هو لو وقفوا ولا يزيدون عليه إلا أنهم تعدوا من حب أهل البيت إلى طريقين منهم من تعدى إلى بغض الصحابة وسبهم حيث لم يقدموهم وتخيلوا أن أهل البيت أولى بهذه المناصب الدنيوية فكان منهم ما قد عرف واستفاض وطائفة زادت إلى سب الصحابة القدح في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي جبريل عليه السلام وفي الله جل جلاله حيث لم ينصوا على رتبتهم وتقديمهم في الخلافة للناس حتى أنشد بعضهم ما كان من بعث الأمين أمينا وهذا كله واقع من أصل صحيح وهو حب أهل البيت أنتج في نظرهم فاسدا فضلوا وأضلوا فانظر ما أدى إليه الغلو في الدين أخرجهم عن الحد فانعكس أمرهم إلى الضد قال تعالى يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل وطائفة ألفت إليهم الشياطين أصلا صحيحا لا يشكون فيه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ثم تركتهم بعد ما حببت إليهم العمل على هذا فجعل بعض الناس لحرصه على الخير يتفقه لكونه يريد تحصيل أجور من عمل بها فإذا سن سنة حسنة يخاف إذا نسبها إلى نفسه لا تقبل منه فيضع لأجل قبولها حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ويتأول أن ذلك داخل في حكم قوله من سن سنة حسنة فأجاز الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يقول عليه صلى الله عليه وسلم ما لم يقله ولا فاه به لسانه ويرى أن ذلك خير فإن الأصول تعضده فإذا أخطر له الملك قوله صلى الله عليه وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وأخطر له أيضا قوله صلى الله عليه وسلم ليس كذب علي ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار يتأول ذلك كله بإلقاء الشيطان في خاطره فيقول له إنما ذلك إذا دعا إلى ضلالة وأنا ما سننت إلا خيرا فهو مأجور بالضرورة من كونه سن سنة حسنة ومأزور من كونه كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنه إنه صرح بما لم يقله صلى الله عليه وسلم وكذلك إن كان من أهل الخلوات والرياضات واستعجل الرياسة من قبل أن يفتح الله عليه بابا من أبواب عبوديته فيلزم طريق الصدق ولا يقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما وقف الأول وأنه يجري إلى الافتراء على الله فينسب ذلك الذي سنه إلى الله تعالى ويتأول أنه لا فاعل إلا الله وأنه تعالى المنطق عباده ويصير من وقته لذلك أشعر يا مجبورا ويقول هذا كله خير فإني ما قصدت إلا أن أعضد تلك السنة الحسنة فلم أر أشد في تقويتها من أني أسندها إلى الله تعالى كما هي في نفس الأمر خلق الله تعالى أجراها الله على لساني هذا كله يحدث به نفسه لا يقول ذلك لأحد فإذا كان مع الناس يريهم أن ذلك جاءه من عند الله كما يجئ لأولياء الله على تلك الطريق فإذا أخطر له الملك قول الله تعالى ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله يتأول ذلك مع نفسه ويقول ما أنا مخاطب بهذه الآية وإنما خوطب بها أهل الدعوى الذين ينسبون الفعل إلى أنفسهم فإنه قال افترى فنسب فعل الافتراء إلى هذا القائل وأنا أقول إن الأفعال كلها لله تعالى لا إلي فهو الذي قال على لساني ألا ترى النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده فكذلك هذا ثم قال أو قال أوحي إلي فأضاف القول إليه وكذلك قوله إلي ومن أنا حتى أقول إلي إذ الله هو المتكلم وهو السميع ثم قال سأنزل مثل ما أنزل الله وما أقول أنا ذلك بل الإنزال كله من الله فإذا تفقه في نفسه في هذا كله افترى على الله كذبا وزين له سوء عمله فرآه حسنا فهذا أصل صحيح لهاتين الطائفتين قد ألقاه الشيطان إليهما وتركه عندهما وبقي يتفقه في ذلك فقها نفسيا فإن لم يكن الإنسان على بصيرة وتمييز من خواطره حتى يفرق بين إلقاء الشيطان وإن كان خيرا وبين إلقاء الملك والنفس ويميز بينهما ميزا صحيحا وإلا فلا يفعل فإنه لا يفلح أبدا فإن الشيطان

282

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست