responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 276


أجسادها يبعثها الله من صور البرزخ في الأجساد التي أنشأها لها يوم القيامة وبها تدخل الجنة والنار ذلك ليلزمها الضعف الطبيعي فلا تزال فقيرة أبدا ألا تراها في أوقات غفلتها عن نفسها كيف يكون منها التهجم والإقدام على المقام الإلهي فتدعى الربوبية كفرعون وتقول في غلبة ذلك الحال عليها أنا الله وسبحاني كما قال ذلك بعض العارفين وذلك لغلبة الحال عليه ولهذا لم يصدر مثل هذا اللفظ من رسول ولا نبي ولا ولي كامل في علمه وحضوره ولزومه باب المقام الذي له وأدبه ومراعاة المادة التي هو فيها وبها ظهر فهو ردم ملآن بضعفه وفقره مع شهوده أصله علما وحالا وكشفا وعلمه بأصله ومقام خلافته من وجه آخر لو كان حالا له لادعى الألوهة فإن الأمر الخارج في النفخ من النافخ له من حكمه بقدر ذلك فلو ادعاه ما ادعى محالا وبذلك القدر الذي فيه من القوة الإلهية التي أظهرها النفخ توجه عليه التكليف فإنه عين المكلف وأضيفت الأفعال إليه وقيل له قل وإياك نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنه أصلك الذي إليه ترجع فصدقت المعتزلة في إضافة الأفعال إلى العباد من وجه بدليل شرعي وصدق المخالف في إضافة الأفعال كلها إلى الله تعالى من وجه بدليل شرعي أيضا وعقلي وقالت بالكسب في أفعال العباد للعباد بقوله تعالى لها ما كسبت وقال في المصورين على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أين من ذهب يخلق كخلقي فأضاف الخلق إلى العباد وقال في عيسى عليه السلام وإذ تخلق من الطين فنسب الخلق إليه عليه السلام وهو إيجاده صورة الطائر في الطين ثم أمره أن ينفخ فيه فقامت تلك الصورة التي صورها عيسى عليه السلام طائرا حيا وقوله بإذن الله يعني الأمر الذي أمره الله به من خلقه صورة الطائر والنفخ وإبراء الأكمه والأبرص وإحيائه الميت فأخبر أن عيسى عليه السلام لم ينبعث إلى ذلك من نفسه وإنما كان عن أمر الله ليكون ذلك وإحياء الموتى من آياته على ما يدعيه فلولا أن الإنسان من حيث حقيقته من ذلك النفس الرحماني ما صح ولا ثبت أن يكون عن نفخه طائر يطير بجناحيه ولما كانت حقيقة الإنسان هكذا خوفه الله بما ذكر من صفة المتكبرين ومالهم واسوداد وجوههم كل ذلك دواء للأرواح لتقف مع ضعف مزاجها الأقرب في ظهور عينها فالإنسان ابن أمه حقيقة بلا شك فالروح ابن طبيعة بدنه وهي أمه التي أرضعته ونشأ في بطنها وتغذى بدمها فحكمه حكمها فلا يستغني عن غذاء في بقاء هيكله ( تتميم ) فلما كان الغالب هذا على الإنسان رجعنا إلى المكاشف الذي يهرب إلى عالم الشهادة عند ما يرى ما يهوله في كشفه مثل صاحبنا أحمد العصاد الحريري رحمه الله فإنه كان إذا أخذ سريع الرجوع إلى حسه باهتزاز واضطراب فكنت أعتبه وأقول له في ذلك فيقول أخاف وأجين من عدم عيني لما أراه ولو علم المسكين أنه لو فارق المواد رجع النفس إلى مستقره وهو عينه ورجع كل شئ إلى أصله ولكن لو كان ذلك لانعدمت الفائدة في حق العبد فيما يظهر وليس الأمر كذلك ولذلك قلنا وهو عينه أي عين العبد فالبقاء الذي أراده الحق أولى به بوجود هذا الهيكل العنصري في الدنيا الطبيعي في الآخرة والذي يثبت هنالك أعني عند الوارد إنما يثبت إذا دخل عبدا كما إن الذي لا يثبت إنما دخل وفي نفسه شئ من الربوبية فخاف من زوالها هناك فهرب إلى الوجود الذي ظهرت فيه ربانيته ولهذا تكون فائدته قليلة والثابت يدخل عبدا قابلا بهمة محترقة إلى أصله ليهبه من عوارفه ما عوده فإذا خرج خرج نورا يستضاء به فمثل الداخل إلى ذلك الجناب العالي بربوبيته مثل من يدخل بسراج موقود ومثل الذي يدخل بعبوديته مثل من يدخل بفتيلة لا ضوء فيها أو بقبضة حشيش فيها نار غير مشتعلة فإذا دخلا بهذه المثابة هب عليهما نفس من الرحمن فطفئ لذلك الهبوب السراج واشتعل الحشيش فخرج صاحب السراج في ظلمة وخرج صاحب الحشيش في نور يستضاء به فانظر ما أعطاه الاستعداد فكل هارب من هناك إنما يخاف على سراجه أن ينطفئ فهو يخاف على ربوبيته أن تزول فيفر إلى محل ظهورها ولكن ما يخرج إلا وقد طفئ سراجه ولو خرج به موقدا كما دخل ولم يؤثر فيه ذلك الهبوب لادعى الربوبية حقا ولكن من عصمة الله له كان ذلك ومن دخل عبدا لا يخاف وإذا اشتعلت فتيلته هنالك عرف من أشعلها ورأى المنة له سبحانه في ذلك فخرج عبدا منورا كما قال تعالى سبحان الذي أسرى بعبده يعني عبدا فكان في خروجه إلى أمته داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا كما دخل عبدا ذليلا عارفا بما دخل وعلى من دخل فمن وفقه الله تعالى ولزم عبوديته في جميع أحواله وإن عرف أصليه فيرجح

276

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست