responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 258


عليه وسلم نور إني أراه فجعل الصبر الذي هو الصوم والحج ضياء أي يكشف به إذا كنت متلبسا به ما تعطيه حقيقة الضوء من إدراك الأشياء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى إنه قال كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به وقال صلى الله عليه وسلم لرجل عليك بالصوم فإنه لا مثل له وقال تعالى ليس كمثله شئ فالصوم صفة صمدانية وهو التنزه عن التغذي وحقيقة المخلوق التغذي فلما أراد العبد أن يتصف مما ليس من حقيقته أن يتصف به وكان اتصافه به شرعا لقوله تعالى كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم قال الله له الصوم لي لا لك أي أنا هو الذي لا ينبغي لي أن أطعم وأشرب وإذا كان بهذه المثابة وكان سبب دخولك فيه كوني شرعته لك فإنا أجزي به كأنه يقول وأنا جزاؤه لأن صفة التنزه عن الطعام والشراب تطلبني وقد تلبست بها وما هي حقيقتك وما هي لك وأنت متصف بها في حال صومك فهي تدخلك علي فإن الصبر حبس النفس وقد حبستها بأمري عما تعطيه حقيقتها من الطعام والشراب فلهذا قال للصائم فرحتان فرحة عند فطره وتلك الفرحة لروحه الحيواني لا غير وفرحة عند لقاء ربه وتلك الفرحة لنفسه الناطقة أي لطيفته الربانية فأورثه الصوم لقاء الله وهو المشاهدة فكان الصوم أتم من الصلاة لأنه أنتج لقاء الله ومشاهدته والصلاة مناجاة لا مشاهدة والحجاب يصحبها فإن الله يقول وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب وكذلك كلم الله موسى ولذلك طلب الرؤية فقرن الكلام بالحجاب والمناجاة مكالمة يقول الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي والصوم لا ينقسم فهو لله لا للعبد أجره من حيث ما هو لله وهنا سر شريف فقلنا إن المشاهدة والمناجاة لا يجتمعان فإن المشاهدة للبهت والكلام للفهم فأنت في حال الكلام مع ما يتكلم به لا مع المتكلم أي شئ كان فافهم القرآن تفهم الفرقان فبهذا قد حصل لك الفرق بين الصلاة والصوم والصدقة وأما قولنا إن الله جزاء الصائم للقائه ربه في الفرح به الذي قرنه به فسر ذلك في قوله في سورة يوسف من وجد في رحله فهو جزاؤه وأما الحج فلما فيه من الصبر وهو حبس الإنسان نفسه عن النكاح ولبس المخيط والصفرة كما حبس الإنسان نفسه عن الطعام في الصوم والشراب والنكاح ولما لم يعم الحج مسك الإنسان نفسه عن الطعام والشراب إلا عن النكاح والغيبة لذلك تأخر في القواعد التي بنى الإسلام عليها فكان حكمه حكم للصائم والمصلي حال صومه وصلاته في التنزه عن مباشرة السكن وذلك التنزه يقول الله هو لي لا لك حيث كان ولما كان النكاح سببا لظهور المولدات من ذلك أعطاه الله إذ تركه من أجله بدله كن في الآخرة ولأوليائه في الدنيا بسم الله لمن أراد الله أن يظهر على يده أثرا فيقول العبد في الآخرة للشئ يريده كن فيكون ذلك الشئ وليس قوله إلا من كونه حاجا أو صائما ولهذا شرك بين الحج والصوم في لفظة الصبر فقال والصبر ضياء هذا وإن لم يكن فيه صوم واجب فإن ترك الطعام فيه لشغله بالدعاء في ذلك اليوم من الظهر وهو السنة في ذلك اليوم في ذلك الموضع للحاج خاصة فالمشتغل فيه لا شك أن الجوع جوع العادة يلزمه والطائفة تسمى الجوع في الموتات الأربعة الموت الأبيض وهو مناسب للضياء فإن لأهل الله أربع موتات موت أبيض وهو الجوع وموت أحمر وهو مخالفة النفس في هواها وموت أخضر وهو طرح الرقاع في اللباس بعضها على بعض وموت أسود وهو تحمل أذى الخلق بل مطلق الأذى وإنما سميت لبس المرقعات موتا أخضر لأن حالته حالة الأرض في اختلاف النبات فيه والأزهار فأشبه اختلاف الرقاع وأما الموت الأسود لاحتمال الأذى فإن في ذلك غم النفس والغم ظلمة النفس والظلمة تشبه في الألوان السواد والموت الأحمر مخالفة النفس شبيه بحمرة الدم فإنه من خالف هواه فقد ذبح نفسه وسيأتي إن شاء الله في هذا الكتاب أبواب مفردات في شهادة التوحيد والصلاة والزكاة والصوم والحج وهي قواعد الإسلام التي بنى عليها ومن أراد أن يعرف من أسرار الصلاة شيئا وما تنتج كل صلاة من المعارف وما لها من الأرواح النبوية والحركات الفلكية فلينظر في كتابنا المسمى بالتنزلات الموصلية وهذا القدر في هذا الباب كاف في المقصود ولنذكر بعض أسرار من المعارف كما ترجمنا عليه بطريق الإيجاز ( فصل ) بل وصل سر إلهي قالت الملائكة وما منا إلا له مقام معلوم وهكذا كل موجود ما عدا الثقلين وإن كان

258

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست