responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 242


ويوده فإن تفتى مع عمر وعادى خالد أو ذمه خالد وأثنى عليه زيد بالفتوة وكريم الخلق وإن لم يعاد خالدا ووالاه وأحبه أثنى عليه خالد وذمه زيد فلما رأينا أن الأمر على هذا الحد وأنه لا يعم ولم يتمكن عقلا ولا عادة أن يقوم الإنسان في هذه الدنيا أو حيث كان في مقام يرضى المتضادين انبغى للفتى أن يترك هوى نفسه ويرجع إلى خالقه الذي هو مولاه وسيده ويقول أنا عبد وينبغي للعبد أن يكون بحكم سيده لا بحكم نفسه ولا بحكم غير سيده يتبع مراضيه ويقف عند حدوده ومراسمه ولا يكن ممن جعل مع سيده شريكا في عموديته فيكون مع سيده بحسب ما يحد له ويتصرف فيما يرسم له ولا يبالي وافق أغراض العالم أو خالفهم فإن وافق ما وافق منها فذلك راجع إلى سيده فخرج له توقيع من ديوان سيده على يدي رسول قام الدليل له والعلم بأنه خرج إليه من عند سيده وأن ذلك التوقيع توقيع سيده فقام له إجلالا وأخذ توقيع سيده ومع التوقيع مشافهة فشافه العبيد بما أمره السيد أن يشافههم به وذلك هو الشرع المقرر والتوقيع هو الكتاب المنزل المسمى قرآنا والرسول هو جبريل عليه السلام وحاجب الباب الذي يصل إليه الرسول الملكي من عند الله بالتوقيع والمشافهة هو النبي المبشر محمد صلى الله عليه وسلم أو أي نبي كان من الأنبياء في زمان بعثتهم فلزم العبيد مراسم سيدهم التي ضمنها توقيعه والتي جاءت بها المشافهة فلم يكن لهم في نفوسهم ملك ولا تدبير فمن وقف عند حدود سيده وامتثل مراسيمه ولم يخالفه في شئ مما جاءه به على حد ما رسم له من غير زيادة بقياس أو رأى ولا نقصان بتأويل فعامل جنسه من الناس بما أمر أن يعاملهم به من مؤمن وكافر وعاص ومنافق وما ثم إلا هؤلاء الأصناف الأربعة وكل صنف من هؤلاء على طبقات فالمؤمن منه طائع وعاص وولي ونبي ورسول وملك وحيوان ونبات ومعدن والكافر منه مشرك وغير مشرك والمنافق منه ينقص في الظاهر عن درك الكافر فإن المنافق له الدرك الأسفل من النار والكافر له الأعلى والأسفل وأما العاصي فينقص في الظاهر عن درجة المؤمن المطيع بقدر معصيته فهذا الواقف عند مراسم سيده هو الفتى فكل إنسان لا بد أن يكون جليسا لأكبر منه أو أصغر منه أو مكافئا له إما في السن وإما في الرتبة أو فيهما فالفتى من وقر الكبير في العلم أو في السن والفتى من رحم الصغير في العلم أو في السن والفتى من آثر المكافئ في السن أو في العلم ولست أعني بقولي في العلم إلا المرتبة خاصة فأتينا بالعلم لشرفه فإن الملك قد يكون صغيرا في السن صغيرا في العلم ويكون شخص من رعيته كبيرا في السن كبيرا في العلم فإن عرف الملك قدر ما رسم له الحق في شرعه من توقير الكبير وشرف العلم عامله الملك بذلك وإن لم يفعل فيكون الملك سيئ الملكة فينبغي للفتى أن يعرف شرف المرتبة التي هي السلطنة وأنه نائب الله في عباده وخليفته في بلاده فيعامل من أقامه الله فيها وإن لم يجر الحق على يده بما ينبغي للمرتبة من السمع والطاعة في المنشط والمكره على حد ما رسم له سيده وما هو عليه مما أقام الله ذلك السلطان فيه من الأخلاق المحمودة أو المذمومة في الجور والعدل فينبغي للفتى أن يوفي السلطان حقه الذي أوجبه الله له عليه ولا يطلب منه حقه الذي جعله الله له قبل السلطان مما له أن يسامحه فيه إن منعه منه فتوة عليه ورحمة به وتعظيما لمنزلته إذ كان له أن يطلبه به يوم القيامة فالفتى من لا خصم له لأنه فيما عليه يؤديه وفيما له يتركه فليس له خصم فالفتى من لا تصدر منه حركة عبثا جملة واحدة ومعنى هذا أن الله سمعه يقول وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا وهذه الحركة الصادرة من الفتى مما بينهما وكذلك حركة كل متحرك خلقه الله بين السماء والأرض فما هي عبث فإن الخالق حكيم فالفتى من يتحرك أو يسكن لحكمة في نفسه ومن كان هذا حاله في حركاته فلا تكون حركته عبثا لا في يده ولا في رجله ولا شمه ولا أكله ولا لمسه ولا سمعه ولا بصره ولا باطنه فيعلم كل نفس فيه وما ينبغي له وما حكم سيده فيه ومثل هذا لا يكون عبثا وإذا كانت الحركة من غيره فلا ينظرها عبثا فإن الله خلقها أي قدرها وإذا قدرها فما تكون عبثا ولا باطلا فيكون حاضرا مع هذا عند وقوعها في العالم فإن فتح له بالعلم في الحكمة فيها فبخ على بخ وهو صاحب عناية وإن لم يفتح له في العلم بالحكمة فيها فيكفيه حضوره في نفسه إنها حركة مقدرة منسوبة إلى الله وأن الله فيها سرا يعلمه الله فيؤديه هذا القدر من العلم إلى الأدب الإلهي وهذا لا يكون إلا للفتيان أصحاب القوة الحاكمين على طبائع النفوس والعادات ولا يكون في هذا المقام من هذه الطائفة إلا الملامية فإن الله قد ولاهم على نفوسهم وأيدهم بروح منه عليها فلهم التصريف التام والكلمة الماضية والحكم الغالب

242

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست