responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 240


النفس فقد تجد الحق هناك وجود تنزيه ما هو وجودها له مثل وجودها له في عالم المساحة والمقدار فيشاهدون مقاما أنزه ومنزلا أقدس وبينية لا يحدها التقدير ولا يأخذها التصوير فبينيتها بينية تمييز علوم ومراتب فهوم ومن الهمم من يلقاه في العقل الأول ومن الهمم ما تلقاه في المقربين من الأرواح المهيمة ومن الهمم ما تلقاه في العماء ومن الهمم من تلقاه في الأرض المخلوقة من بقية طينة آدم عليه السلام فإذا لقيته هذه الهمم في هذه المراتب أعطاها على قدر تعطشها من المقام الذي بعثها على الترقي إلى هذه المراتب وينزلون معه إلى السماء الدنيا وعلى الحقيقة هو ينزلهم إلى السماء الدنيا وينزل معهم فيستفيدون من العلوم التي يهبها الحق لتلك الهمم التي ما تعدت العرش هكذا كل ليلة ثم تنزل هذه الهمم وقد عرفت ما أكرمها به الحق فاجتمعت بالهمم التي ما برحت من مكانها فوجدتها على طبقات فمنهم من وجد عندهم من العلوم التي لم تتقيد بترق وكان الحق أقرب إليها من حبل الوريد حين كان مع أولئك في العماء وفي السماء الدنيا وما بينهما قال تعالى وهو معكم أينما كنتم فهو مع كل همة حيث كانت ويجدون همما أرضية قد تقدست عن الأينية وعن مراتب العقول فلم تتقيد بحضرة فتنال من العلوم التي تليق بهذه الصفة التي وهبهم الحق منها ما حصلوا عليه من المعارف ما يبهت أولئك الهمم وهي من علوم الإطلاق الخارجة عن الحصر الأيني الفلكي وعن الحصر الروحاني العقلي فهم مع كونهم في ظلمة الطبيعة على نور أضاءت به تلك الظلمة لوجود المشاهدة وهؤلاء هم الذين يعرفون أن إدراك الأشياء المرئية إنما هو من اجتماع نور البصر مع نور الجسم المستنير شمسا كان أو سراجا أو ما كان فتظهر المبصرات فلو فقد الجسم المستنير ما ظهر شئ ولو فقد البصر ما أضاء شئ مما يدركه البصر مع النور الخارج أصلا ألا ترى صاحب الكشف إذا أظلم الليل وانغلق عليه باب بيته ويكون معه في تلك الظلمة شخص آخر وقد تساويا في عدم الكشف للمبصرات فيكون أحدهم ممن يكشف له في أوقات فيتجلى له نور يجتمع ذلك النور مع نور البصر فيدرك ما في ذلك البيت المظلم مما أراد الله أن يكشف له منه كله أو بعضه يراه مثل ما يراه بالنهار أو بالسراج ورفيقه الذي هو معه لا يرى إلا الظلمة غير ذلك لا يراه فإن ذلك النور ما تجلى له حتى يجتمع بنور بصره فينفر حجاب الظلمة فلو لم يكن الأمر كما ذكرناه لكان صاحب هذا الكشف مثل صاحبه لا يدرك شيئا أو يكون رفيقه مثله يدرك الأشياء فيكون إما من أهل الكشف مثله أو يدركه بنور العلم فإن المكاشف يدركه بنور الخيال كما يدركه النائم ورفيقه إلى جانبه مستيقظ لا يرى شيئا كذلك صاحب الكشف ولو سألت صاحب الكشف هل ترى ظلمة في حال كشفك لقال لا بل يقول أنارت البقعة حتى قلت إن الشمس ما غابت فأدركت المبصرات كما أدركها نهارا وهذه المسألة ما رأيت أحدا نبه عليها إلا أن كان وما وصل إلي فالكون كله في أصله مظلم فلا يرى إلا بالنورين فإنه يحدث هذا الأمر ونظيره الذي يؤيده إيجاد العالم فإنه من حيث ذاته عدم ولا يكتسب الوجود إلا من كونه قابلا وذلك لإمكانه واقتدار الحق المخصص المرجح وجوده على عدمه فلو زال القبول من الممكن لكان كالمحال لا يقبل الإيجاد وقد اشترك المحال والممكن قبل الترجيح بالوجود في العدم كما أنه مع قبوله لو لم يكن اقتدار الحق ما وجد عين هذا المعدوم الذي هو الممكن فلم تظهر الأعيان المعدومة للوجود إلا بكونها قابلة وهو مثل نور البصر وكون الحق قادرا وهو مثل نور الجسم النير فظهرت الأعيان كما ظهرت المبصرات بالنورين فكما إن الممكن لا يزال قابلا والحق مقتدرا ومريدا فينحفظ على الممكن إبقاء الوجود إذ له من ذاته العدم كذلك الباصر لا يزال نور بصره في بصره والشمس متجلية في نورها فتحفظ الأبصار المتعلق بالمبصرات وهي من ذاتها أعني المبصرات غير منورة بل هي مظلمة فاعقل إن كنت تعقل فهذا الأمر أصل ضلال العقلاء وهم لا يشعرون لما لم يعقلوه وهو سر من أسرار الله تعالى جهله أهل النظر ومن هذه المسألة يتبين لك قدم الحق وحدوث الخلق لكن على غير الوجه الذي يعقله أهل الكلام وعلى غير الوجه الذي تعقله الحكماء باللقب لا بالحقيقة فإن الحكماء على الحقيقة هم أهل الله الرسل والأنبياء والأولياء إلا أن الحكماء باللقب أقرب إلى العلم من غيرهم حيث لم يعقلوا الله إلا إلها وأهل الكلام من النظار ليس كذلك فأقطاب أهل الليل من يكون الليل في حقهم كالنهار كشفا وشغلا قال تعالى وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون أي تعلمون منهم في الصباح ما تعلمون منهم في الليل إذ كان ليلا عند غيرهم ممن ليس له مقام

240

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست