responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 238


الفجر فأهل الليل هم الفائزون بهذه الحظوة في هذه الخلوة وهذه المسامرة في محاريبهم فهم قائمون يتلون كلامه ويفتحون أسماعهم لما يقول لهم في كلامه إذا قال يا أيها الناس يصفون ويقولون نحن الناس ما تريد منا يا ربنا في ندائك هذا فيقول لهم عز وجل على لسانهم بتلاوتهم كلامه الذي أنزله اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم يا أيها الناس يقولون لبيك ربنا يقول لهم اتقوا ربكم الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون فيقولون يا ربنا خاطبتنا فسمعنا وفهمتنا ففهمنا فيا ربنا وفقنا واستعملنا فيما طلبته منا من عبادتك وتقواك إذ لا حول لنا ولا قوة إلا بك ومن نحن حتى تنزل إلينا من علو جلالك وتنادينا وتسألنا وتطلب منا يا أيها الناس يقولون لبيك إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا فيقولون يا ربنا أسمعتنا فسمعنا وأعلمتنا فعلمنا فاعصمنا وتعطف علينا فالمنصور من نصرته والمؤيد من أيدته والمخذول من خذلته يا أيها الإنسان فيقول الإنسان منهم لبيك يا رب ما غرك بربك الكريم فيقول كرمك يا رب فيقول صدقت يا أيها الذين آمنوا فيقولون لبيك ربنا اتقوا الله حق تقاته اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يقولون وأي قول لنا إلا ما تقولنا وهل لمخلوق حول أو قوة إلا بك فاجعل نطقنا ذكرك وقولنا تلاوة كتابك يا أيها الذين آمنوا فيقولون لبيك ربنا فيقول تعالى عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فيقولون ربنا أغريتنا بأنفسنا لما جعلتها محلا لإيمانك فقلت وفي أنفسكم أفلا تبصرون وقلت سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق والآيات ليست مطلوبة إلا لما تدل عليه وأنت مدلولها فكأنك تقول في قولك عليكم أنفسكم أي ألزمونا وثابروا علينا وألظوا بنا ثم قلت لا يضركم من ضل أي حار وتلف حين طلبنا بفكره فأراد أن يدخلنا تحت حكم نظره وعقله إذا اهتديتم بما عرفتكم به مني في كتابي وعلى لسان رسولي فعرفتموني بما وصفت لكم به نفسي فما عرفتموني إلا بي فلم تضلوا فكانت لكم هدايتي وتقريبي نورا تمشون به على صراطنا المستقيم فلا يزال دأب أهل الليل هكذا مع الله في كل آية يقرءونها في صلاتهم وفي كل ذكر يذكرونه به حتى ينصدع الفجر قال محمد بن عبد الجبار النفري وكان من أهل الليل أوقفني الحق في موقف العلم وذكر رضي الله عنه ما قال له الحق في موقفه ذلك فكان من جملة ما قال له في ذلك الموقف يا عبدي الليل لي لا للقرآن يتلى الليل لي لا للمحمدة والثناء يقول الله تعالى إن لك في النهار سبحا طويلا فاجعل الليل لي كما هو لي فإن في الليل نزولي فلا أراك في النهار في معاشك فإذا جاء الليل وطلبتك ونزلت إليك وجدتك نائما في راحتك وفي عالم حياتك وما ثم إلا ليل ونهار فلا في النهار وجدتك وقد جعلته لك ولم أنزل فيه إليك وسلمته لك وجعلت الليل لي فنزلت إليك فيه لأناجيك وأسامرك وأقضي حوائجك فوجدتك قد نمت عني وأسات الأدب معي مع دعواك محبتي وإيثار جنابي فقم بين يدي وسلني حتى أعطيك مسألتك وما طلبتك لتتلو القرآن فتقف مع معانيه فإن معانيه تفرقك عني فآية تمشي بك في جنتي وما أعددت لأوليائي فيها فأين أنا إذا كنت أنت في جنتي مع الحور المقصورات في الخيام كأنهن الياقوت والمرجان متكئا على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان تسقى من رحيق مختوم مزاجه من تسنيم وآية توقفك مع ملائكتي وهم يدخلون عليك من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وآية تستشرف بك على جهنم فتعاين ما أعددت فيها لمن عصاني وأشرك بي من سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم وترى الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة أي مسلطة في عمد ممددة أين أنا يا عبدي إذا تلوت هذه الآية وأنت بخاطرك وهمتك في الجنة تارة وفي جهنم تارة ثم تتلو آية فتمشي بك في القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد وترى في ذلك اليوم من هذه الآية يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وترى العرش في ذلك اليوم تحمله ثمانية أملاك وفي ذلك اليوم تعرضون فأين أنا والليل لي فها أنت يا عبدي في النهار في معاشك وفي الليل فيما تعطيه تلاوتك من جنة ونار وعرض فأنت بين آخرة

238

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست