responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 236


وهو اختلاط الضوء والظلمة فما هو بليل لما خالطه من ضوء الصبح وهو ليس بنهار لعدم طلوع الشمس للأبصار فكذلك هذا الذي يسمى سحرا ما هو باطل محقق فيكون عدما فإن العين أدركت أمرا ما لا تشك فيه وما هو حق محض فيكون له وجود في عينه فإنه ليس في نفسه كما تشهده العين ويظنه الرائي وكرامات الأولياء ليست من قبيل السحر فإن لها حقيقة في نفسها وجودية وليست بمعجزة فإنه على علم وعن قوة همة وأما قول عليم لحقيقتك بربك تراها ذهبا فإن الأعيان لا تنقلب وذلك لما رآه قد عظم ذلك الأمر عند ما رآه فقال له العلم بك أشرف مما رأيت فاتصف بالعلم فإنه أعظم من كون الأسطوانة كانت ذهبا في نفس الأمر فأعلمه إن الأعيان لا تنقلب وهو صحيح في نفس الأمر أي أن الحجرية لم ترجع ذهبا فإن حقيقة الحجرية قبلها هذا الجوهر كما قبل الجسم الحرارة فقيل فيه إنه حار فإذا أراد الله أن يكسو هذا الجوهر صورة الذهب خلع عنه صورة الحجر وكساه صورة الذهب فظهر الجوهر أو الجسم الذي كان حجرا ذهبا كما خلع عن الجسم الحار الحرارة وكساه البرد فصار باردا فما انقلبت عين الحرارة برودة والجسم البارد بعينه هو الذي كان حارا فما انقلبت الأعيان كذلك حكاية عليم الجوهر الذي قبل صورة الذهب عند الضرب هو الذي كان قد قبل صورة الحجر والجوهر هو الجوهر بعينه فالحجر ما عاد ذهبا ولا الذهب عاد حجرا كما إن الجوهر الهيولاني قبل صورة الماء فقيل هو ماء بلا شك فإذا جعلته في القدر وأغليتها على النار إلى أن يصعد بخارا فتعلم قطعا إن صورة الماء زالت عنه وقبل صورة البخار فصار يطلب الصعود لعنصره الأعظم كما كان إذ قامت به صورة الماء يطلب عنصره الأعظم فيأخذ سفلا فهدا معنى قول عليم في هذا المنزل المختص بالأولياء والهمة المجاورة لعلم المعجزة أن الأعيان لا تنقلب وقوله لحقيقتك بربك أي إذا اطلعت إلى حقيقتك وجدت نفسك عبدا محضا عاجزا ميتا ضعيفا عدما لا وجود لك كمثل هذا الجوهر ما لم يلبس الصور لم يظهر له عين في الوجود فهذا العبد يلبس صور الأسماء الإلهية فتظهر بها عينه فأول اسم يلبسه الوجود فيظهر موجودا لنفسه حتى يقبل جميع ما يمكن أن يقبله الموجود من حيث ما هو موجود فيقبل جميع ما يخلع عليه الحق من الأسماء الإلهية فيتصف عند ذلك بالحي والقادر والعليم والمريد والسميع والبصير والمتكلم والشكور والرحيم والخالق والمصور وجميع الأسماء كما اتصف هذا الجسم بالحجر والذهب والفضة والنحاس والماء والهواء ولم تزل حقيقة الجسمية عن كل واحد مع وجود هذه الصفات كذلك لا يزول عن الإنسان حقيقة كونه عبدا إنسانا مع وجود هذه الأسماء الإلهية فيه فهذا معنى قوله لحقيقتك بربك أي لارتباط حقيقتك بربك فلا تخلو عن صورة إلهية تظهر فيها كذلك هذا الجسم لا يخلو عن صورة يظهر فيها وكما تتنوع أنت بصور الأسماء الإلهية فينطلق عليك بحسب كل صورة اسم غير الاسم الآخر كذلك ينطلق على هذا الجوهر اسم الحجرية والذهبية للوصف لا لعينه فقد تبينت فيما ذكرناه الثلاثة الأقسام في خرق العوائد وهي المعجزات والكرامات والسحر وما ثم خرق عادة أكثر من هذا ولست أعني بالكرامات إلا ما ظهر عن قوة الهمة لا إني أريد بهذا الاصطلاح في هذا الموضع التقريب الإلهي لهذا الشخص فإنه قد يكون ذلك استدراجا ومكرا وإنما أطلقت عليه اسم الكرامة لأنه الغالب والمكر فيه قليل جدا فهذا المنزل مجاور آيات الأنبياء عليهم السلام وهو العلم الجزئي من علوم الكون لا يجاور السحر فإن كرامة الولي وخرق العادة له إنما كانت باتباع الرسول والجري على سنته فكأنها من آيات ذلك النبي إذ باتباعه ظهرت للمتحقق بالاتباع فلهذا جاورته فأقطاب هذا المنزل كل ولي ظهر عليه خرق عادة عن غير همته فيكون إلى النبوة أقرب ممن ظهر عنه خرق العادة بهمته والأنبياء هم العبيد على أصلهم فكذلك أقطاب هذا المنزل فكلما قربت أحوالك من أحوال الأنبياء عليهم السلام كنت في العبودة أمكن وكانت لك الحجة ولم يكن للشيطان عليك سلطان كما قال تعالى إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وقال يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا فلا أثر للشيطان فيهم فكذلك من قرب منهم ولما عاينت هذا المشهد قلت القصيدة التي أولها تنزلت الأملاك ليلا على قلبي * ودارت عليه مثل دائرة القلب حذرا من إلقاء اللعين إذا يرى * نزول علوم الغيب عينا على القلب

236

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست