responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 230


تقع القسمة بيننا وبينه وهو السيد الفاعل المحرك الذي يقولنا في قولنا إياك نعبد وأمثال ذلك مما أضافه إلينا وقد علمنا أن نواصينا بيده في قيامنا وركوعنا وسجودنا وجلوسنا وفي نطقنا يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي تفضلا منه فإنه من قوله بهذه اللفظة وما قدره حتى بقول السيد قال عبدي وقلت له هذا حجاب مسدل فينبغي للعبد أن يعرف أن لله مكرا خفيا في عباده وكل أحد يمكر به على قدر علمه بربه فيأخذ هذا التكريم الإلهي ابتداء من الله مدرجا في نعمة فإذا صلى وتلا قال الحمد لله يقولها حكاية من حيث ما هو مأمور بها لتصح عبوديته في صلاته ولا ينتظر الجواب ولا يقول ليجاب بل يشتغل بما كلفه سيده به من العمل حتى يكون ذلك الجواب والإنعام من السيد لا من كونه قال فإن القائل على الحقيقة خالق القول فيه فنسلم من هذا المكر وإن كان منزلة رفيعة ولكن بالنظر إلى من هو في غير هذه المنزلة ممن نزل عنها فما ورثنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المقام الذي أغلق بابه دوننا إلا ما ذكرناه من عناية الحق بمن كشف له عن ذلك ورزقه علم نقل الوحي بالرواية من كتاب وسنة فما أشرف مقام أهل الرواية من المقرئين والمحدثين جعلنا الله ممن اختص بنقله من قرآن وسنة فإن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته والحديث مثل القرآن بالنص فإنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وممن تحقق بهذا المقام معنا أبو يزيد البسطامي كشف له منه بعد السؤال والتضرع قدر خرق الإبرة فأراد أن بضع قدمه فيه فاحترق فعلم أنه لا ينال ذوقا وهو كمال العبودة وقد حصل لنا منه صلى الله عليه وسلم شعرة وهذا كثير لمن عرف فما عند الخلق منه إلا ظله ولما أطلعني الله عليه لم يكن عن سؤال وإنما كان عن عناية من الله ثم إنه أيدني فيه بالأدب رزقا من لدنه وعناية من الله بي فلم يصدر مني هناك ما صدر من أبي يزيد بل اطلعت عليه وجاء الأمر بالرقي في سلمة فعلمت إن ذلك خطاب ابتلاء وأمر ابتلاء لا خطاب تشريف على أنه قد يكون بعض الابتلاء تشريفا فتوقفت وسألت الحجاب فعلم ما أردت فوضع الحجاب بيني وبين المقام وشكر لي ذلك فمنحني منه الشعرة التي ذكرناها اختصاصا إلهيا فشكرت الله على الاختصاص بتلك الشعرة غير طالب بالشكر الزيادة وكيف أطلب الزيادة من ذلك وأنا أسأل الحجاب الذي هو من كمال العبودية فسرت في العبودة وظهر سلطانها وحيل بيني وبين مرتبة السيادة لله الحمد على ذلك وكم طلبت إليها وما أجبت وهكذا إن شاء الله أكون في الآخرة عبدا محضا خالصا ولو ملكني جميع العالم ما ملكت منه إلا عبوديته خاصة حتى يقوم بذاتي جميع عبودية العالم وللناس في هذا مراتب فالذي ينبغي للعبد أن لا يزيد على هذا الاسم غيره فإن أطلق الله ألسنة الخلق عليه بأنه ولي الله ورأى أن الله قد أطلق عليه اسما أطلقه تعالى على نفسه فلا يسمعه ممن يسميه به إلا على أنه بمعنى المفعول لا بمعنى الفاعل حتى يشم فيه رائحة العبودية فإن بنية فعيل قد تكون بمعنى الفاعل وإنما قلنا هذا من أجل ما أمرنا أن نتخذه سبحانه وكيلا فيما هو له مما نحن مستخلفون فيه فإن في مثل هذا مكرا خفيا فتحفظ منه ويكفي من التنبيه الإلهي العاصم من المكر كونك مأمورا بذلك فامتثل أمره واتخذه وكيلا لا تدعى الملك فإن الله تولاك فإنه قال وهو يتولى الصالحين واسم الصالح من خصائص العبودية ولهذا وصف محمد صلى الله عليه وسلم نفسه بالصلاح فإنه ادعى حالة لا تكون إلا للعبيد الكمل فمنهم من شهد له بها الحق عز وجل بشرى من الله فقال في عبده يحيى عليه السلام نبيا من الصالحين وقال في نبيه عيسى عليه السلام وكهلا ومن الصالحين وقال في إبراهيم عليه السلام وإنه في الآخرة لمن الصالحين من أجل الثلاثة الأمور التي صدرت منه في الدنيا وهي قوله عن زوجته سارة إنها أخته بتأويل وقوله إني سقيم اعتذارا وقوله بل فعله كبيرهم إقامة حجة فبهذه الثلاثة يعتذر يوم القيامة للناس إذا سألوه أن يسأل ربه فتح باب الشفاعة فلهذا ذكر صلاحه في الآخرة إذ لم يؤاخذه بذلك كما قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وقال عفا الله عنك لم أذنت لهم فقدم البشرى قبل العتاب وهذه الآية عندنا بشرى خاصة ما فيها عتاب بل هو استفهام لمن أنصف وأعطى أهل العلم حقهم وأما سليمان وأمثاله عليهم السلام فأخبرنا الحق أنه قال وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين وإن كانوا صالحين في نفس الأمر عند الله فهم بين سائل في الصلاح ومشهود له به مع كونه نعتا عبوديا لا يليق بالله فما ظنك بالاسم الولي الذي قد تسمى الله به بمعنى الفاعل فينبغي أن لا ينطلق ذلك

230

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست