responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 220


لا غير فذلك يسمى علما والأمور العارضة الحاصل عنها العلوم أيضا ترجع إلى هذه الأصول لا تنفك عنها وإنما سميت عوارض من أجل أن العادة في إدراك الألوان إن اللمس لا يدركها وإنما يدركها البصر فإذا أدركها الأكمه باللمس وقد رأينا ذلك فقد عرض لحاسة اللمس ما ليس من حقيقتها في العادة أن تدركه وكذلك سائر الطرق إذا عرض لها درك ما ليس من شأنها في العادة أن يدرك بها يقال فيه عرض لها وإنما فعل الله هذا تنبيها لنا أنه ما ثم حقيقة كما يزعم أهل النظر لا ينفذ فيها الاقتدار الإلهي بل تلك الحقيقة إنما هي بجعل الله لها على تلك الصورة وإنها ما أدركت الأشياء المربوط إدراكها بها من كونها بصرا ولا غير ذلك يقول الله بل بجعلنا فيدرك جميع العلوم كلها بحقيقة واحدة من هذه الحقائق إذا شاء الحق فلهذا قلنا عرض لها إدراك ما لم تجر العادة بإدراكها إياه فتعلم قطعا أنه عز وجل قد يكون مما يعرض لها أن تعلم وترى من ليس كمثله شئ وإن كانت الإدراكات لم تدرك شيئا قط إلا ومثله أشياء كثيرة من جميع المدركات ولم ينف سبحانه عن إدراكه قوة من القوي التي خلقها إلا البصر فقال لا تدركه الأبصار فمنع ذلك شرعا وما قال لا يدركه السمع ولا العقل ولا غيرهما من القوي الموصوف بها الإنسان كما لم يقل أيضا إن غير البصر يدركه بل ترك الأمر مبهما وأظهر العوارض التي تعرض لهذه القوي في معرض التنبيه أنه ربما وضع ذلك في رؤيتنا من ليس كمثله شئ كما رأينا أول مرئي وسمعنا أول مسموع وشممنا أول مشموم وطعمنا أول مطعوم ولمسنا أول ملموس وعقلنا أول معقول مما لم يكن له مثل عندنا وإن كان له أمثال في نفس الأمر ولكن في أولية الإدراك سر عجيب في نفي المماثلة له فقد أدرك المدرك من لا مثل له عنده فيقيسه عليه وكون ذلك المدرك يقبل لذاته المثل أو لا يقبله حكم آخر زائد على كونه مدركا لا يحتاج إليه في الإدراك إن كنت ذا فطنة بل نقول إن التوسع الإلهي يقتضي أن لا مثل في الأعيان الموجودة وأن المثلية أمر معقول متوهم فإنه لو كانت المثلية صحيحة ما امتاز شئ عن شئ مما يقال هو مثله فذلك الذي امتاز به الشئ عن الشئ هو عين ذلك الشئ وما لم يمتز به عن غيره فما هو إلا عين واحدة فإن قلت رأيناه مفترقا مفارقا ينفصل هذا عن هذا مع كونه يماثله في الحد والحقيقة يقال له أنت الغالط فإن الذي وقع به الانفصال هو المعبر عنه بأنه تلك العين وما لم يقع به الانفصال هو الذي توهمت أنه مثل وهذا من أغمض مسائل هذا الباب فما ثم مثل أصلا ولا يقدر على إنكار الأمثال ولكن بالحدود لا غير ولهذا انطلق المثلية من حيث الحقيقة الجامعة المعقولة لا الموجودة فالأمثال معقولة لا موجودة فنقول في الإنسان إنه حيوان ناطق بلا شك وأن زيدا ليس هو عين عمرو من حيث صورته وهو عين عمرو من حيث إنسانيته لا غيره أصلا وإذا لم يكن غيره في إنسانيته فليس مثله بل هو هو فإن حقيقة الإنسانية لا تتبعض بل هي في كل إنسان بعينها لا بجزئيتها فلا مثل لها وهكذا جميع الحقائق كلها فلم تصح المثلية إذا جعلتها غير عين المثل فزيد ليس مثل عمرو من حيث إنسانيته بل هو هو وليس زيد مثل عمرو في صورته فإن الفرقان بينهما ظاهر ولولا الفارق لالتبس زيد بعمرو ولم تكن معرفة بالأشياء فما أدرك المدرك أي شئ أدرك إلا من ليس كمثله شئ وذلك لأن الأصل الذي نرجع إليه في وجودنا وهو الله تعالى ليس كمثله شئ فلا يكون ما يوجد عنه إلا على حقيقة أنه لا مثل له فإنه كيف يخلق ما لا تعطيه صفته وحقيقته لا تقبل المثل فلا بد أن يكون كل جوهر فرد في العالم لا يقبل المثل إن كنت ذا فطنة ولب فإنه ليس في الإله حقيقة تقبل المثل فلو كان قبول المثل موجودا في العالم لاستند في وجوده من ذلك الوجه إلى غير حقيقة إلهية وما ثم موجد إلا الله ولا مثل له فما في الوجود شئ له مثل بل كل موجود متميز عن غيره بحقيقة هو عليها في ذاته وهذا هو الذي يعطيه الكشف والعلم الإلهي الحق فإذا أطلقت المثل على الأشياء كما قد تقرر فاعلم أني أطلق ذلك عرفا قال تعالى أمم أمثالكم أي كما انطلق عليكم اسم الأمة كذلك ينطلق اسم أمة على كل دابة وطائر يطير بجناحيه وكما إن كل أمة وكل عين في الوجود ما سوى الحق تفتقر في إيجادها إلى موجد نقول بتلك النسبة في كل واحد إنه مثل للآخر في الافتقار إلى الله وبهذا يصح قطعا إن الله ليس كمثله شئ بزيادة الكاف أو بفرض المثل فإنك إذا عرفت أن كل محدث لا يقبل المثلية كما قررناه لك فالحق أولى بهذه الصفة فلم تبق المثلية الواردة في القرآن وغيره إلا في الافتقار إلى الله الموجد أعيان الأشياء ثم ارجع وأقول إن كل واحد من أهل الله لا يخلو أن يكون قد جعل الله علم هذا الشخص

220

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست