responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 208


اليقظة وهناك تعبر الرؤيا فمن نور الله عين بصيرته وعبر رؤياه هنا قبل الموت أفلح ويكون فيها مثل من رأى رؤيا ثم رأى في رؤياه إنه استيقظ فيقص ما رآه وهو في النوم على حاله على بعض الناس الذين يراهم في نومه فيقول رأيت كذا وكذا فيفسره ويعبره له ذلك الشخص بما يراه في علمه بذلك فإذا استيقظ حينئذ يظهر له أنه لم يزل في منام في حال الرؤيا وفي حال التعبير لها وهو أصح التعبير وكذلك الفطن اللبيب في هذه الدار مع كونه في منامه يرى أنه استيقظ فيعبر رؤياه في منامه لينتبه ويزدجر ويسلك الطريق الأسد فإذا استيقظ بالموت حمد رؤياه وفرح بمنامه وأثمرت له رؤياه خيرا فلهذه الحقيقة ما ذكر الله في هذه الآية اليقظة وذكر المنام وأضافه إلينا بالليل والنهار وكان ابتغاء الفضل فيه في حق من رأى في نومه أنه استيقظ في نومه فيعبر رؤياه وهي حالة الدنيا والله يلهمنا رشد أنفسنا هذا من قوله تعالى يدبر الأمر يفصل الآيات فهذا تفصيل آيات المنام بالليل والنهار والابتغاء من الفضل وجعله آيات لقوم يسمعون أي يفهمون كما قال ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون أراد الفهم عن الله وقال فيهم صم مع كونهم يسمعون بكم مع كونهم يتكلمون عمي مع كونهم يبصرون فهم لا يعقلون فنبهتك على ما أراد بالسمع والكلام والبصر هنا فهذه الطبقة الركبانية الثانية مأخذهم للأشياء على هذا الحد الذي ذكرناه في هذه الآية وإنما ذكرنا هذا المأخذ لنعرفك بطريقتهم فتتبين لك منزلتهم من غيرهم فلطائفهم بالآيات المنصوبة المعتادة وغير المعتادة قائمة ناظرة إلى نفوس العالم ناظرة إلى الوجوه العرضية التي إليها يتوجهون بسبب أغراضهم ناظرة إلى الحدود الإلهية فيما إليه يتوجهون لا يغفلون عن النظر في ذلك طرفة عين فغفلتهم التي تقتضيها جبلتهم إنما متعلقها منهم عما ضمن لهم فهم متيقظون فيما طلب منهم غافلون عما ضمن لهم حتى لا يخرجون عن حكم الغفلة فإنها من جبلة الإنسان وغير هذه الطائفة صرفتها الغفلة عما يراد منها فإن كان الذي يقع إليه التوجه طاعة نظروا في دقائق تحصيلها ونظروا إلى الأمر الإلهي الذي يناسبها والاسم الإلهي الذي له السلطان عليها فيفصل لهم الأمر الإلهي الآية التي يطلبونها فإن كانت الآية معتادة مثل اختلاف الليل والنهار وتسخير السحاب وغير ذلك من الآيات المعتادة التي لا خبر لنفوس العامة بكونها حتى يفقدوها فإذا فقدوها حينئذ خرجوا للاستسقاء وعرفوا في ذلك الوقت موضع دلالتها وقدرها وإنهم كانوا في آية وهم لا يشعرون فإذا جاءتهم وأمطروا عادوا إلى غفلتهم هذا حال العامة كما قال الله فيهم معجلا في هذه الدار هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون وإذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يقول الله لهم يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا وهكذا يقولون في النار يا ليتنا نرد قال تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه كما عاد أصحاب الفلك إلى شركهم وبغيهم بعد إخلاصهم لله فإذا نظرت هذه الطائفة إلى هذه الآيات أرسلوها مع أمرها الإلهي إلى حيث دعاها وإن كانت الآية غير معتادة نظروا أي اسم إلهي يطلبها فإن طلبها القهار وأخواته فهي آية رهبة وزجر ووعيد أرسلوها على النفوس وإن طلبها أعني تلك الآية الاسم اللطيف وأخواته فهي آية رغبة أرسلوها على الأرواح فأشرق لها نور شعشعاني على النفوس فجنحت بذلك النفوس إلى بارئها فرزقت التوفيق والهداية وأعطيت التلذذ بالأعمال فقامت فيها بنشاط وتعرت فيها من ملابس الكسل وتبغض إليها معاشرة البطالين وصحبة الغافلين اللاهين عن ذكر الله ويكرهون الملأ والجلوة ويؤثرون الانفراد والخلوة ولهذه الطبقة الثانية حقيقة ليلة القدر وكشفها وسرها ومعناها ولهم فيها حكم إلهي اختصوا به وهي حظهم من الزمان فانظر ما أشرف إذ حباهم الله من الزمان بأشرفه فإنها خير من ألف شهر فيه زمان رمضان ويوم الجمعة ويوم عاشوراء ويوم عرفة وليلة القدر فكأنه قال فتضاعف خيرها ثلاثا وثمانين ضعفا وثلث ضعف لأنها ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر وقد تكون الأربعة الأشهر مما يكون فيها ليلة القدر فيكون التضعيف في كل ليلة قدر أربعة وثمانين ضعفا فانظر ما في هذا الزمان من الخير وبأي زمان خصت هذه الطائفة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء الثامن عشر والحمد لله

208

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست