responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 189


فكيف بنا لو أن الأمر يبدو * بلا ستر يكون له استنادي لقام بنا الشقاء هنا يقينا * وعند البعث في يوم التنادي ولكن الغفور أقام سترا * ليسعدنا على رغم الأعادي اعلم أيها الولي الحميم أيدك الله بروح القدس وفهمك إن الرموز والألغاز ليست مرادة لأنفسها وإنما هي مرادة لما رمزت له ولما ألغز فيها ومواضعها من القرآن آيات الاعتبار كلها والتنبيه على ذلك قوله تعالى وتلك الأمثال نضربها للناس فالأمثال ما جاءت مطلوبة لأنفسها وإنما جاءت ليعلم منها ما ضربت له وما نصبت من أجله مثلا مثل قوله تعالى أنزل من السماء ماء فسألت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء فجعله كالباطل كما قال وزهق الباطل ثم قال وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ضربه مثلا للحق كذلك يضرب الله الأمثال وقال فاعتبروا يا أولي الأبصار أي تعجبوا وجوزوا واعبروا إلى ما أردته بهذا التعريف وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار من عبرت الوادي إذا جزته وكذلك الإشارة والإيماء قال تعالى لنبيه زكريا أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا أي بالإشارة وكذلك فأشارت إليه في قصة مريم لما نذرت للرحمن أن تمسك عن الكلام ولهذا العلم رجال كبير قدرهم من أسرارهم سر الأزل والأبد والحال والخيال والرؤيا والبرازخ وأمثال هذه من النسب الإلهية ومن علومهم خواص العلم بالحروف والأسماء والخواص المركبة والمفردة من كل شئ من العالم الطبيعي وهي الطبيعة المجهولة فأما علم سر الأزل فاعلم إن الأزل عبارة عن نفي الأولية لمن يوصف به وهو وصف لله تعالى من كونه إلها وإذا انتفت الأولية عنه تعالى من كونه إلها فهو المسمى بكل اسم سمي به نفسه أزلا من كونه متكلما فهو العالم الحي المريد القادر السميع البصير المتكلم الخالق البارئ المصور الملك لم يزل مسمى بهذه الأسماء وانتفت عنه أولية التقييد فسمع المسموع وأبصر المبصر إلى غير ذلك وأعيان المسموعات منا والمبصرات معدومة غير موجودة وهو يراها أزلا كما يعلمها أزلا ويميزها ويفصلها أزلا ولا عين لها في الوجود النفسي العيني بل هي أعيان ثابتة في رتبة الإمكان فالإمكانية لها أزلا كما هي لها حالا وأبدا لم تكن قط واجبة لنفسها ثم عادت ممكنة ولا محالا ثم عادت ممكنة بل كان الوجوب الوجودي الذاتي لله تعالى أزلا كذلك وجوب الإمكان للعالم أزلا فالله في مرتبته بأسمائه الحسنى يسمى منعوتا موصوفاتها فعين نسبة الأول له نسبة الآخر والظاهر والباطن لا يقال هو أول بنسبة كذا ولا آخر بنسبة كذا فإن الممكن مرتبط بواجب الوجود في وجوده وعدمه ارتباط افتقار إليه في وجوده فإن أوجده لم يزل في إمكانه وإن عدم لم يزل عن إمكانه فكما لم يدخل على الممكن في وجود عينه بعد أن كان معدوما صفة تزيله عن إمكانه كذلك لم يدخل على الخالق الواجب الوجود في إيجاده العالم وصف يزيله عن وجوب وجوده لنفسه فلا يعقل الحق إلا هكذا ولا يعقل الممكن لا هكذا فإن فهمت علمت معنى الحدوث ومعنى القدم فقل بعد ذلك ما شئت فأولية العالم وآخريته أمر إضافي إن كان له آخر أما في الوجود فله آخر في كل زمان فرد وانتهاء عند أرباب الكشف ووافقتهم الحسبانية على ذلك كما وافقتهم الأشاعرة على إن العرض لا يبقى زمانين فالأول من العالم بالنسبة إلى ما يخلق بعده والآخر من العالم بالنسبة إلى ما خلق قبلة وليس كذلك معقولية الاسم الله بالأول والآخر والظاهر والباطن فإن العالم يتعدد والحق واحد لا يتعدد ولا يصح أن يكون أولا لنا فإن رتبته لا تناسب رتبتنا ولا تقبل رتبتنا أوليته ولو قبلت رتبتنا أوليته لاستحال علينا اسم الأولية بل كان ينطلق علينا اسم الثاني لأوليته ولسنا بثان له تعالى عن ذلك فليس هو بأول لنا فلهذا كان عين أوليته عين آخريته وهذا المدرك عزيز المنال يتعذر تصوره على من لا أنسة له بالعلوم الإلهية التي يعطيها التجلي والنظر الصحيح وإليه كان يشير أبو سعيد الخراز بقوله عرفت الله بجمعه بين الضدين ثم يتلو هو الأول والآخر والظاهر والباطن فقد أبنت لك عن سر الأزل وإنه نعت سلبي وأما سر الأبد فهو نفي الآخرية فكما إن الممكن انتفت عنه الآخرية شرعا من حيث الجملة إذ الجنة والإقامة فيها إلى غير نهاية كذلك الأولية بالنسبة إلى ترتيب الموجودات الزمانية معقولة موجودة فالعالم بذلك الاعتبار الإلهي لا يقال فيه أول ولا آخر وبالاعتبار الثاني هو

189

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست