responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 142


الآن الواحد نكاحا جسميا محسوسا بإيلاج ووجود لذة خاصة بكل امرأة من غير تقدم ولا تأخر وهذا هو النعيم الدائم والاقتدار الإلهي والعقل يعجز عن إدراك هذه الحقيقة من حيث فكره وإنما يدرك هذا بقوة أخرى إلهية في قلب من يشاء من عباده كما أن الإنسان في الجنة في سوق الصور إذا اشتهى صورة دخل فيها كما تشكل الروح هنا عندنا وإن كان جسما ولكن أعطاه الله هذه القدرة على ذلك والله على كل شئ قدير وحديث سوق الجنة ذكره أبو عيسى الترمذي في مصنفه فانظره هناك فإذا اتصلت الأشعة النورية في الأركان الأربعة ظهرت المولدات عن هذا النكاح الذي قدره العزيز العليم فصارت المولدات بين آباء وهي الأفلاك والأنوار العلوية وبين أمهات وهي الأركان الطبيعية السفلية وصارت الأشعة المتصلة من الأنوار بالأركان كالنكاح وحركات الأفلاك وسباحات الأنوار بمنزلة حركات المجامع وكان حركات الأركان بمنزلة المخاض للمرأة لاستخراج الزبد الذي يخرج بالمخض وهو ما يظهر من المولدات في هذه الأركان للعين من صورة المعادن والنبات والحيوان ونوع الجن والإنس فسبحان القادر على ما يشاء لا إله إلا هو رب كل شئ وملكيه قال تعالى أن اشكر لي ولوالديك فقد تبين لك أيها الولي آباؤك وأمهاتك من هم إلى أقرب أب لك وهو الذي ظهر عينك به وأمك كذلك القريبة إليك إلى الأب الأول وهو الجد الأعلى إلى ما بينهما من الآباء والأمهات فشكرهم الذي يسرون به ويفرحون بالثناء عليهم هو أن تنسبهم إلى مالكهم وموجدهم وتسلب الفعل عنهم وتلحقه بمستحقه الذي هو خالق كل شئ فإذا فعلت ذلك فقد أدخلت سرورا على آبائك بفعلك ذلك وإدخال هذا السرور عليهم هو عين برك بهم وشكرك إياهم وإذا لم تفعل هذا ونسيت الله بهم فما شكرتهم ولا امتثلت أمر الله في شكرهم فإنه قال أن اشكر لي فقدم نفسه ليعرفك أنه السبب الأول والأولى ثم عطف وقال ولوالديك وهي الأسباب التي أوجدك الله عندها لتنسبها إليه سبحانه ويكون لها عليك فضل التقدم بالوجود خاصة لا فضل التأثير لأنه في الحقيقة لا أثر لها وإن كانت أسبابا لوجود الآثار فبهذا القدر صح لها الفضل وطلب منك الشكر وأنزلها الحق لك وعندك منزلته في التقدم عليك لا في الأثر ليكون الثناء بالتقدم والتأثير لله تعالى وبالتقدم والتوقف للوالدين ولكن على ما شرطناه فلا تشرك بعبادة ربك أحدا فإذا أثنيت على الله تعالى وقلت ربنا ورب آبائنا العلويات وأمهاتنا السفليات فلا فرق بين أن أقولها أنا أو يقولها جميع بني آدم من البشر فلم يخاطب شخصا بعينه حتى يسوق آباءه وأمهاته من آدم وحواء إلى زمانه وإنما القصد هذا النش ء الإنساني فكنت مترجما عن كل مولود بهذا التحميد من عالم الأركان وعالم الطبيعة والإنسان ثم ترتقي في النيابة عن كل مولد بين مؤثر ومؤثر فيه فتحمده بكل لسان وتتوجه إليه بكل وجه فيكون الجزاء لنا من عند الله من ذلك المقام الكلي كما قال لي بعض مشيختي إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أو قلت السلام عليكم إذا سلمت في طريقك على أحد فاحضر في قلبك كل صالح لله من عباده في الأرض والسماء وميت وحي فإنه من ذلك المقام يرد عليك فلا يبقى ملك مقرب ولا روح مطهر يبلغه سلامك إلا ويرد عليك وهو دعاء فيستجاب فيك فتفلج ومن لم يبلغه سلامك من عباد الله المهيمين في جلاله المشتغلين به المستفرغين فيه وأنت قد سلمت عليهم بهذا الشمول فإن الله ينوب عنهم في الرد عليك وكفى بهذا شرفا في حقك حيث يسلم عليك الحق فليته لم تسمع أحدا ممن سلمت عليه حتى ينوب عن الجميع في الرد عليك فإنه بك أشرف قال تعالى تشريفا في حق يحيى ع وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا وهذا سلام فضيلة وإخبار فكيف سلام واجب ناب الحق مناب من أجاب عنه وجزاء الفرائض أعظم من جزاء الفضائل في حق من قيل فيه وسلام عليه يوم ولد فيجمع له بين الفضيلتين وقد وردت صلاة الله علينا ابتداء وما وصل إلي هل ورد السلام ابتداء كما وردت الصلاة أم لا فمن روى في ذلك شيئا وتحققه فقد جعلت أمانة في عنقه أن يلحقه في هذا الموضع إلى جانب صلاة الله علينا في هذا الباب ليكون بشرى للمؤمنين وشرفا لكتابي هذا والله المعين والموفق لا رب غيره وأما الآباء الطبيعيون والأمهات فلم نذكرهم فلنذكر الأمر الكلي من ذلك وهم أبوان وأمان فالأبوان هما الفاعلان والأمان هما المنفعلان وما يحدث عنهما هو المنفعل عنهما فالحرارة والبرودة فاعلان والرطوبة واليبوسة منفعلان فنكحت

142

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست