responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 133


المشهود في الغبرة في الحس التي آثارها تقابل الريحين المتضادين فمثل ذلك يكون حربهم وما كل زوبعة حربهم وحديث عمرو الجني حمد الله مشهورة مروية وقتله في الزوبعة التي أبصرت فانقشعت عنه وهو على الموت فما لبث إن مات وكان عبدا صالحا من الجان ولو كان هذا الكتاب مبناه على إيراد أخبار وحكايات لذكرنا منها طرفا وإنما هذا كتاب علم المعاني فلينظر حكاياتهم في تواريخ الأدب وأشعارهم ثم نرجع ونقول وإن هذا العالم الروحاني إذا تشكل وظهر في صورة حسية يقيده البصر بحيث لا يقدر أن يخرج عن تلك الصورة ما دام البصر ينظر إليه بالخاصية ولكن من الإنسان فإذا قيده ولم يبرح ناظرا إليه وليس له موضع يتوارى فيه أظهر له هذا الروحاني صورة جعلها عليه كالستر ثم يخيل له مشي تلك الصورة إلى جهة مخصوصة فيتبعها بصره فإذا اتبعها بصره خرج الروحاني عن تقييده فغاب عنه وبمغيبه تزول تلك الصورة عن نظر الناظر الذي اتبعها بصره فإنها للروحاني كالنور مع السراج المنتشر في الزوايا نوره فإذا غاب جسم السراج فقد ذلك النور فهكذا هذه الصورة فمن يعرف هذا ويحب تقييده لا يتبع الصورة بصره وهذا من الأسرار الإلهية التي لا تعرف إلا بتعريف الله وليست الصورة غير عين الروحاني بل هي عينه ولو كانت في ألف مكان أو في كل مكان ومختلفة الأشكال وإذا اتفق قتل صورة من تلك الصور وماتت في ظاهر الأمر انتقل ذلك الروحاني من الحياة الدنيا إلى البرزخ كما ننتقل نحن بالموت ولا يبقى له في عالم الدنيا حديث مثلنا سواء وتسمى تلك الصور المحسوسة التي تظهر فيها الروحانيات أجسادا وهو قوله تعالى وألقينا على كرسيه جسدا وقوله وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام والفرق بين الجان والملائكة وإن اشتركوا في الروحانية أن الجان غذاؤهم ما تحمله الأجسام الطبيعية من المطاعم والملائكة ليست كذلك ولهذا ذكر الله في قصة ضيف إبراهيم الخليل فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم يعني إلى العجل الحنيذ أي لا يأكلون منه وخاف وحين جاء وقت إنشاء عالم الجان توجه من الأمناء الذين في الفلك الأول من الملائكة ثلاثة ثم أخذوا من نوابهم من السماء الثانية ما يحتاجون إليه منهم في هذا النشئ ثم نزلوا إلى السماوات فأخذوا من النواب اثنين من السماء الثانية والسادسة من هناك ونزلوا إلى الأركان فهيئوا المحل واتبعتهم ثلاثة أخر من الأمناء وأخذوا من الثانية ما يحتاجون إليه من نوابهم ثم نزلوا إلى السماء الثالثة والخامسة من هناك فأخذوا ملكين ومروا بالسماء السادسة فأخذوا نائبا آخر من الملائكة ونزلوا إلى الأركان ليكملوا التسوية فنزلت الستة الباقية وأخذت ما بقي من النواب في السماء الثانية وفي السماوات فاجتمع الكل على تسوية هذه النشأة بإذن العليم الحكيم فلما تمت نشأته واستقامت بنيته توجه الروح من عالم الأمر فنفخ في تلك الصورة روحا سرت فيه بوجودها الحياة فقام ناطقا بالحمد والثناء لمن أوجده جبلة جبل عليها وفي نفسه عزة وعظمة لا يعرف سببها ولا على من يعتز بها إذ لم يكن ثم مخلوق آخر من عالم الطبائع سواه فبقي عابدا لربه مصرا على عزته متواضعا لربوبية موجدة بما يعرض له مما هو عليه في نشأته إلى أن خلق آدم فلما رأى الجان صورته غلب على واحد منهم اسمه الحارث بغض تلك النشأة وتجهم وجهه لرؤية تلك الصورة الآدمية وظهر ذلك منه لجنسه فعتبوه لذلك لما رأوه عليه من الغم والحزن لها فلما كان من أمر آدم ما كان أظهر الحارث ما كان يجد في نفسه منه وأبي عن امتثال أمر خالقه بالسجود لآدم واستكبر على آدم بنشأته وافتخر بأصله وغاب عنه سر قوة الماء الذي جعل الله منه كل شئ حي ومنه كانت حياة الجان وهم لا يشعرون وتأمل إن كنت من أهل الفهم قوله تعالى وكان عرشه على الماء فحيي العرش وما حوى عليه من المخلوقات وإن من شئ إلا يسبح بحمده فجاء بالنكرة ولا يسبح إلا حي ورد في الحديث الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة قالت يا رب في حديث طويل هل خلقت شيئا أشد من النار قال نعم الماء فجعل الماء أقوى من النار فلو كان عنصر الهواء في نشأة الجان غير مشتعل بالنار لكان الجان أقوى من بني آدم فإن الهواء أقوى من الماء فإن الملائكة قالت في هذا الحديث يا رب فهل خلقت شيئا أشد من الماء قال نعم الهواء ثم قالت يا رب فهل خلقت شيئا أشد من الهواء قال نعم ابن آدم الحديث فجعل النشأة الإنسانية أقوى من الهواء وجعل الماء أقوى من النار وهو العنصر الأعظم في الإنسان كما إن النار العنصر الأعظم في الجان ولهذا قال في الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا فلم ينسب إليه من القوة شيئا ولم يرد على العزيز في قوله

133

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست