responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 745


وهم أهل مكة وما هو أقصى من أهله بل هو الأقرب وهو أيضا قصي من الأولية لأن البيت الذي هو الكعبة قد حاز الأولية وبين الأقصى وبينه أربعون سنة وهو حد زمان التيه لقوم موسى عن دخول المسجد الأقصى لما كان في عين القرب وهو مرتبة الأولية التي للمسجد الحرام فأبوا نصرة نبيه موسى وقالوا له اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون فقال لهم إني تارككم تائهين في هذه القعدة أربعين سنة لا تستطيعون دخول بيت المقدس كما لم يكن ظهوره للعبادة بعد المسجد الحرام إلا بعد أربعين سنة وما بقي معهم موسى عليه السلام في التيه إلا لكونه رسولا إليهم فبقوا حيارى لا هم في عين القرب من الأولية ولا حصل لهم غرضهم في دخول بيت المقدس وما أخذهم الله إلا بظاهر قولهم إنا ههنا قاعدون فاحذر أن تكون من قوم موسى الذين صفتهم هذا بل كن من قوم موسى الذين هم أمة يقضون بالحق وبه يعدلون كذلك مقام النبوة من مقام الولادة بينهما من التوقيت الزماني أربعون سنة فما بعث نبي إلا من أربعين سنة فإنه غاية استحكام العقل وقوة سلطانه وابتداء ضعف الطبيعة ثم يمشي بحكمه فيما بقي من عمره في وفور من عقله ونقص من طبيعته فمن أحرم من المقام إلا بعد يطلب المقام إلا قرب وكلاهما معبد كان المحرم برزخا بينهما وكان المعبدان طرفيه فما لم يصل إليه هو ما تأخر من ذنبه وما تقدم عنه هو ما تقدم من ذنبه فيغفر له ما بين المسجدين والغفر الستر فوجبت له الجنة لأنها ستر عن النار لمن دخل فيها وذاته ستر على نار شهواته فباطن الجنة نار محرقة لأن الشهوة من الإنسان متحكمة فيها وهي نار طبيعته بلا شك فما زال العبد السعيد مكتفنا بالستر في التقدم أن لا تصيبه عقوبة الذنب وفي التأخر اكتنف بستر الحفظ والعصمة أن لا يصيبه الذنب فهو ممن وجبت له الجنة إذا كان هذا حكمه فهو مستور في كنف الله فهو في الجنة وإن كان في الدنيا ( حديث عشرون في التنعيم إنه ميقات أهل مكة ) من مراسل أبي داود عن ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل مكة التنعيم كيف لا يكون ميقاتهم التنعيم وهم جيران الله وأهل بيته وهم أقرب الخلق إلى أولية المعابد فيتجلى لهم الحق في اسمه الأول ولا يحصل هذا التجلي إلا لأهل الحرم وفيه يتفاضلون بحكم الأهلية فإنهم بين عصبة وأصحاب سهام ولا يحصل هذا التجلي لغيرهم ممن جاور غيره من البيوت المضافة إلى الله وكل من كان فيه وفارقه فإنما حكمه حكم المسافر وإليه ينسب لا إلى غيره كهجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومن هاجر منه إلى المدينة قبل الفتح فأثبت لهم جوار الله لما وجدوا اسم المهاجرين وإنما وقع هذا الاسم لأمور عرضية والبيت لله على أصله من الحرمة والتحريم عند الفريقين فأهل مكة بحكم الأصل مكيون جيران الله في حرمه وهم عرب لهم حفظ الجار ومراعاة الجوار والحق يعامل عباده بما تواطئوا عليه في أخلاقهم ( إليهم يحج الخلق من كل جانب ) يقولون حج العبد والعبد لم يحج * وما حج إلا من له الفعل والأمر وما ثم إلا الله ما ثم غيره * فمنه العطاء الجزل والنائل الغمر وإذا كان المكي في غير مكة لا يزول عنه اسم الأهلية كما إن الأفاقي إذا كان بمكة لا يزول عنه اسم الجار كما أنا وإن حزنا بخلقنا الصورة الربانية فنحن بحكم الأصل عبيد عبودية لا حرية فيها فما نحن سادة ولا أرباب فمراعاة الأصول هي المرجوع إليها وإليه يرجع الأمر كله فهو الأصل فافهم هذه الآية فهم حفي بها خابر ولا أثر لما يقدح في الأصل من العوارض فإن ذلك ليس قادحا في نفس الأمر ( حديث حادي وعشرين في تغيير ثوبي الإحرام ) ذكر أبو داود عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم غير ثوبيه بالتنعيم وهو محرم هذا من المراسيل اعتباره تغيير حال الشدة بالرخاء وذلك من كان حاله البلاء الذي يوجب للمؤمن الصبر عليه والرضي به لكونه من عند الله تعالى فتجده عند هذا البلاء شاكرا فقد عامل البلاء بما لا يستحقه ( وهذه مسألة ) أغفلها أيضا أصحابنا وغلطوا في تحقيقها والعبارة عنها واحتجوا في ذلك بما قاله أبو يزيد البسطامي الأكبر وهو

745

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 745
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست