responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 702


ولما نسب الله العرش إلى نفسه وجعله محل الاستواء الرحماني فقال الرحمن على العرش استوى جعل الملائكة حافين به من حول العرش بمنزلة الحرس حرس الملك والملازمين بابه لتنفيذ أوامره وجعل الله الكعبة بيته ونصب الطائفين به على ذلك الأسلوب وتميز البيت على العرش وعلى الضراح وسائر البيوت الأربعة عشر بأمر ما نقل إلينا إنه في العرش ولا في غير هذا من البيوت وهو الحجر الأسود يمين الله في الأرض لنبايعه في كل شوط مبايعة رضوان وبشرى بقبول لما كان منافي كل شوط مما هو لنا أو علينا فما لنا فقبول وما علينا فغفران فإني رأيت في واقعة والناس به طائفون وشرر النار يتطاير من أفواههم فأولته كلام الطائفين في الطواف به بما لا ينبغي فإذا انتهينا إلى اليمين الذي هو الحجر استشعرنا من الله سبحانه بالقبول فبايعناه وقبلنا يمينه المضافة إليه قبلة قبول فرح واستبشار هكذا في كل شوط فإن كثر الازدحام عليه لتجليها في صورة محسوسة محصورة أشرنا إليه أعلاما بأنا نريد تقبيله وأعلاما بعجزنا عن الوصول إليه ولا نقف ننتظر النوبة حتى تصل إلينا فنقبله لأنه لو أراد ذلك منا ما شرع لنا الإشارة إليه إذا لم نقدر عليه فعلمنا أنه يريد منا اتصال المشي في السبعة الأشواط من غير أن يتخللها وقوف إلا قدر التقبيل في مرورنا إذا وجدنا السبيل إليه ونحن نعلم أن يمين الله مطلقة ونحن في قبضتها وما بيننا وبينها حجاب ولكن لما ظهرت في مظهر عين محصورة يعبر عنها بالحجر قيدها استعداد هذه العين المسماة حجر النسبة ظهور اليمين بها فأثرت الضيق والحصر مع أنها يمين الله لا شك ولكن على الوجه الذي يعلمه سبحانه من ذلك فصح النسب ومن هنا يعرف قولنا إنه ما في الوجود إلا الله والأعيان الإمكانية على أصلها من العدم متميزة لله في أعيانها على حقائقها وأن الحق هو الظاهر فيها من غير ظرفية معقولة فيظهر بصورة تلك العين لو صح أن توجد لكانت بهذه الصورة في الحس فانظر ما أعجب أمر الوجود فعين المستفيد للوجود عين المفيد فإن كانت الاستفادة غير الوجود وهي الصورة فالمستفيد الظاهر والمفيد العين لأن الصورة التي ظهر بها الظاهر هي صورة عين المظهر حقيقة فكل حكم ينسب إلى الظاهر إنما هو منها وأفادها الظاهر بظهوره حكم التأثير فيه إذ لم يكن لها ذلك الحكم إذ كانت ولا تجل في صورتها ولا ظهور وإنما بينا لك ذلك لتعرف من هو الطائف والمطوف به والحجر والمقبل فتكون بحسب ما علمت من ذلك فعلمك عين صورتك وفيها تحشر روحك يوم القيامة وبذلك يتميز في الزور الأعظم فلا يفوتنك علم ما نبهتك عليه والسلام ( وصل في فصل حكم الرمل في الطواف ) فقول بأنه سنة فأوجب فيه على من تركه الدم وقول بأنه فضيلة فلا يجب في تركه شئ وأعني في طواف القدوم الرمل إسراع في نفس الخير إلى الخير فهو خير في خير وذلك لحكمة استعجال إدراك علم الأمر الإلهي فإن الله تعالى يقول وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر فإن البصر لا شئ أسرع منه فإن زمان لمحة عين زمان تعلقه بالملموح ولو كان في البعد ما كان وأبعد الأشياء في الحس الكواكب الثابتة التي في فلك المنازل وعند ما تنظر إليها يتعلق اللمح بها فهذه سرعة الحس فما ظنك بالمعاني المجردة عن التقييد في سرعة نفوذها فإن للسرعة حكما في الأشياء لا يكون لغير السرعة ومن هنا يعرف قول الحق للشئ كن فيكون فحال كن الإلهية حال المكون المخلوق ولهذا أسرع ما يكون من الحروف في ذلك فاء التعقيب فلهذا جاء بها في جواب الأمر فإن أردت أن تعرف صورة نش ء العالم وظهوره وسرعة نفوذ الأمر الإلهي فيه وما أدركت الأبصار والبصائر منه فانظر إلى ما يحدث في الهواء من سرعة الحركة بجمرة النار في يد المحرك لها إذا أرادها فتحدث في عين الرائي دائرة أو خطا مستطيلا إن أخذ بالحركة طولا أو أي شكل شاء ولا تشك أنك أبصرت دائرة نار ولا تشك أن ما ثم دائرة وإنما أنشأ ذلك في نظرك سرعة الحركة وهو قوله وما أمرنا وهو قوله كن إلا واحدة كالجمرة كلمح بالبصر إدراك الدائرة وما هي دائرة فذلك عين الصورة المخلوقة الظاهرة لإدراك العين فتحكم من حيث نظرك ببصرك وبصيرتك وفكرك إنه خلق وبعلمك وكشفك أنه حق مخلوق به ما ظهر لعينك مما ليس هو فهذا عدم في عين وجود فانظر ما ألطف هذا الإدراك مع كون الحس محلا لظهوره على تقييده وكثافته وقصوره فما ظنك بما هو الأمر عليه بالنسبة إلى جناب الحق فسبحان من يكلم نفسه بنفسه في أعيان خلقه كما

702

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 702
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست