responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 676


اختلف الناس فيمن يريد الحج أو العمرة فيمر على ميقات وأمامه ميقات آخر فلم يحرم في الأول وتعدى إلى الآخر كالمار بذي الحليفة فلم يحرم وتعدى إلى الجحفة فإنها في طريقه فقال قوم عليه دم وقال قوم ليس عليه شئ فمن راعى المسارعة إلى التلبس بالعبادة أعني بهذه العبادة الخاصة ورأى أن المسارعة إلى الخيرات سنة مؤكدة قال إن عليه دما في تعديها ومن رأى أن الأصل في الدين رفع الحرج وقول الله تعالى يريد الله بكم اليسر فإرادة موافقة الحق فيما أراده أولى وكل عبادة فأخر وقال لا دم عليه فالعارف إذا كان مشهده الاسم الأول المقيد بالآخر الأول المطلق الذي لا يتقيد بالآخر رأى أن التلبس بالعبادة في الآخر الذي لا يجوز تعديه ولا فسحة فيه أولى فإنه فيه صاحب فرض من كل وجه لا يسعه تركه ومن رأى أن التلبس بهذه العبادة بحكم الاسم الأول أولى لكونه لا علم له بإتمامها فلا يدري هل يموت قبل أن يتلقاه الاسم الآخر فإن لم يحرم فارق موطن التكليف وهو لم يتلبس بعبادة الله اقتضاها له الموطن فحرم تجليها الإلهي فهو بحسب ما أشهده الحق وما خرج في هذا كله عن حكم اسم إلهي من الأسماء على شهود منه فإن قيل كيف يتعداه غير متلبس بهذه العبادة والميقات يقضى عليه بسلطانه وهو الاسم الأول قلنا لا حكم للأسماء في الأشياء إلا باستعدادات الأشياء للقبول وقبولها بحسب الحال التي تكون عليها في نفسها من ذاتها فإن الأسباب الخارجة الموجبة لأمر ما تضعف عن مقاومة الأسباب الداخلة التي في المكلف فربما يكون حال هذا المتعدي حال الختم فيطلبه بالتأخير فيعرف ذلك الاسم الأول فيضعف موطن ميقاته عن التأثير فيه لأنه ليس عين مشهده فيتعدى إلى الميقات الثاني لأن له الاسم الآخر ولا شك أن الآخر في الطريق يتضمن حكمه ما تقدمه مضافا إلى خصوصيته بخلاف الأول فالأول يدرج في الثاني وليس الثاني مدرجا في الأول ومن أصول القوم أن العارف لو جلس مع الله كذا وكذا سنة وفاتته لحظة من الله في وقته كان الذي فإنه في تلك اللحظة أكثر مما ناله قبل ذلك وسببه أن كل لحظة إلهية متأخرة تتضمن ما تقدمها من اللحظات وفيها خصوصيتها التي بها تميزت وبتلك الخصوصية صحت لها الكثرة على ما تقدمها فلهذا لم ير بالتعدي بأسا محمد صلى الله عليه وسلم آخر المرسلين فحصل جميع مقامات الرسل وزاد بخصوصيته بلا شك لأنه آخر النبيين وفي هذا إشارة لمن فهم فإن قيل إذا تلبس بالعبادة أولا ومر على الآخر وهو متلبس فقد حصل له ما في الآخر بمروره متلبسا بها قلنا هكذا هو إلا أنه لم يحصل له في الثاني الحكم الخاص بالثاني الذي هو الإنشاء منه وهو أوليته فيفوته أولية الإنشاء منه لهذه العبادة بالاسم الآخر فلهذا تعدى إليه قال السائل كذلك أيضا يفوته أولية الأول في الإنشاء قلنا إن كل أولية مضافة تحكم عليها حقيقة الأولية التي لا تضاف وهي المعتبرة فما فاته ما يتحسر عليه إذ حقيقتها موجودة في أولية الآخر والآخر لا وجود له في الأول ومن نظر في الأسماء بهذه العين علم كيف يقبل تصريفها فيه ويعين لها من ذاته ما يليق بها على شهود منه وبينة وعلم صحيح وبهذا يتميز لأنه في نفس الأمر كذا هو ما يتلقاه منه إلا ما يليق به ولكن لا علم لكل أحد بذلك وبهذا تتفاوت الناس ويرفع الله درجات بعضهم على بعض ويعلم أيضا كيف يصرفها في غيره إذا مكنته من نفسها أو مكنه منها حاله لأنه ليس في الحقيقة أن يقوم بك العلم ولا تكون عالما فهذا هو التمكن الحالي الذي تقتضيه ذاته ولا يصح غيره لأن المعاني توجب أحكامها لمن قامت به ولولا ذلك ما صح وجود العالم عن الحق ألا ترى أن المحال لما لم يكن في استعداده قبول ما يقبله الممكن من الوجود لم يكن له وجود ولا يصح كالشريك لله تعالى في ألوهيته ولما كان الممكن في استعداده الذاتي قبول الإيجاد وجد فلا تغب عن حقائق الأمور فإنها تتداخل في حكم الناظر فيها لا في نفسها ومن غاب عن الحقائق هوى في مهاوي الجهالات ويفوته درجة العلم الذي أمر الله نبيه بطلب الزيادة منه فلا شئ أشرف من العلم ولم يأمر بطلب زيادة في غيره من الصفات لأنه الصفة العامة التي لها الإحاطة بكل صفة وموصوف ( وصل في فصل الأفاقي يمر على الميقات يريد مكة ولا يريد الحج ولا العمرة ) اختلف العلماء فيمن ليس من أهل مكة يريد مكة ولا يريد حجا ولا عمرة ومر على ميقات من المواقيت هل يلزمه الإحرام أم لا إذا لم يكن ممن يكثر التردد إلى مكة فقال قوم يلزمه الإحرام وقال قوم لا يلزمه الإحرام وبه أقول رجال الله على نوعين رجال يرون أنهم مسيرون ورجال يرون أنهم يسيرون فمن رأى أنه مسير لزمه الإحرام

676

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 676
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست