responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 645


بصوم يوم الخميس لكون الخمسة من خصائصه وموسى صاحبه فيها وهو فظ غليظ يفرق الشيطان منه لفظاته فيعتصم الصائم يوم الخميس بهذا الحضور الذي ذكرناه من الشيطان الذي أرصد له على هذه الجهات ومن قبول نفسه لما يرد به هذا الشيطان لو ورد عليه وهو الشئ الخامس المساعد للشيطان فيما يرومه فيكون موسى حاجب هذه الأبواب فيبقى الصائم فيها مستريحا آمنا وهو صاحب الصوم في ذلك اليوم ولم يقل ذلك في آدم في صوم الاثنين وجعلناه في الاعتبار جمع حق وخلق لئلا يطرأ عليه الخلل في صومه من حيث لا يشعر فإن آدم صاحب ذلك اليوم قبل من إبليس الإزلال من حيث لا يشعر ومن لم يدفع عن نفسه فأحرى إن لا يقدر أن يدفع عن غيره فحمل الاثنين على حق وخلق للاشتراك في صفة الصوم ولم يعتبر آدم في هذا الموطن ونسبة الخمسة الخنس ليوم الخميس الذي هو لموسى لكونها لها الكر والفر بما لها من الإقبال والإدبار في السير فلها الحكم والقوة بذلك على غيرها لقوة الخمسة التي جمعتها فإن الخمسة من الأعداد تحفظ نفسها وتحفظ العشرين وما ثم عدد له هذه المرتبة ولا هذه القوة إلا هذه الخمسة ومن حفظ نفسه وغيره كان أقوى شبها بما تطلبه العقول من التشبه بمن له هذه الصفة قال تعالى ولا يؤوده حفظهما وقال وهو على كل شئ حفيظ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء التاسع والخمسون ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( وصل في فصل صيام يوم الجمعة ) اختلف العلماء في صوم يوم الجمعة فمن قائل يكره صومه ومن قائل يكره صومه إلا أن يصام قبله أو بعده خرج مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده وخرج البخاري عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال أصمت أمس قالت لا قال تريدين أن تصومي غدا قالت لا قال فافطري اعلم أن يوم الجمعة هو آخر أيام الخلق وفيه خلق من خلقه الله على الصورة وهو آدم فيه ظهر كمال إتمام الخلق وغايته وبه ظهر أكمل المخلوقات وهو الإنسان وهو آخر المولدات فحفظ الله به الاسم الآخر على الحضرة الإلهية وحفظه الله بالاسم الآخر فهو الذي ينظر إليه من الأسماء الإلهية ولما جمع الله خلق الإنسان فيه بما أنشأه تعالى عليه من الجمع بين الصورتين صورة الحق وصورة العالم سماه الله بلسان الشرع يوم الجمعة ولما زينه الله بزينة الأسماء الإلهية وحلاه بها وأقامه خليفة فيها بها فظهر بأحسن زينة إلهية في الكمال وخصه الله تعالى بأن جعله أوسع من رحمته تعالى فإن رحمته لا تسعه سبحانه ولا تعود عليه وإن محلها الذي لها الأثر فيه إنما هو المخلوقون ووسع القلب الحق سبحانه فلهذا كان أوسع من رحمة الله وهذا من أعجب الأشياء أنه مخلوق من رحمة الله وهو أوسع منها ومن كان مجلي كمال الحق فلا زينة أعلى من زينة الله فأطلق الله عليه اسما على ألسنة العرب في الجاهلية وهو لفظ العروبة أي هو يوم الحسن والزينة فظهر الحق في كماليته في أكمل الخلق وهو آدم فلم يكن في الأيام أكمل من يوم الجمعة فإن فيه ظهرت حكمة الاقتدار بخلق الإنسان فيه الذي خلقه الله على صورته فلم يبق للاقتدار الإلهي كمال يخلقه إذ لا أكمل من صورة الحق فلما كان أكمل الأيام وخلق فيه أكمل الموجودات وخصه الله بالساعة التي ليست لغيره من الأيام والزمان كله ليس سوى هذه الأيام فلم تحصل هذه الساعة لشئ من الأزمان إلا ليوم الجمعة وهي جزء من أربع وعشرين جزء من اليوم وهي في النصف منه وهو المعبر عنه بالنهار فهي في ظاهر اليوم وفي باطن الإنسان لأن ظاهر الإنسان يقابل باطن اليوم وباطن الإنسان يقابل ظاهر اليوم ألا تراه أمر في رمضان بالقيام بالليل والقيام حكم ظاهر الإنسان فإن الظاهر منه هو المستريح بالنوم وجعل الله اليوم له سباتا أي راحة والليل محل التجلي الإلهي والنزول الرباني واستقبال هذا النزول بالقيام الكوني واجب في الطريق أدبا إلهيا وهذا النزول في الليل يقوم مقام الساعة التي في نهار الجمعة لكن النزول في كل ليلة والساعة خاصة بيوم الجمعة فإنها ساعة الكمال والكمال لا يكون إلا واحدا في كل جنس إن كان ذلك الجنس ممن له استعداد الكمال كاستعداد الإنسان وما هو ثم مما قبله غير الإنسان فالإنسان كامل بربه لأجل الصورة ويوم الجمعة كامل بالإنسان لكونه خلق فيه وما خلق فيه إلا في الساعة المذكورة فيه فإنها

645

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 645
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست