responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 641

إسم الكتاب : الفتوحات المكية ( عدد الصفحات : 763)


مثل العشر في زكاة الحبوب فإن العامة مع النفس التي تطلب الغذاء وهي النفس النباتية لا الحيوانية فإن الحيوان ما يطلب الغذاء من كونه حيا وإنما يطلبه من كونه نباتا فلا تخلط بين الحقائق ولهذا جوزوا من حيث امتنعوا في زمان الصوم من استعمال ما ينمون به وهو الغذاء ورحمهم الله تعالى بالسحور عوضا من أكل بالنهار فما نقص الصائم من غذائه شئ إذا تسحر ورغب الله في أكلة السحور وسماه غذاء حتى لا يكون للنفس النباتية مقال يطلبه حق من الله فإن ترك العبد السحور تعين عليه من النفس طلب حقها ومن الله الذي أمره بإيصال حقها إليها فإن المكلف مأمور أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه وكما فرقنا بيننا وبين أهل الكتاب في أكلة السحور وكان الاعتبار في سحورنا غير ما تعتبره العامة لذلك كان صومنا يخالف صومهم من هذه الجهة فنحن مشاركون لهم فيما تطلبه النفس النباتية منا ومنهم وهم لا يشاركوننا فيما يختص بالنفس الناطقة التي هي العقل من إيصال الحق إلى مستحقه فإن لنفسك عليك حقا وهو أشد حقوق الأكوان بعد حق الله عليك لأن خصمك بين جنبيك وما من حق لكون من الأكوان على أحد إلا ولله فيه حق على ذلك الكون فاحفظ نفسك فإذا كان غدا في موطن الجزاء والتجلي ظهر الفرق بين الفرق والتفاضل فكم بين نفس تحشر بنعوت إلهية وبين نفس محرومة من ذلك فتصرف قيمتها يوم القيامة إلى ما كانت صرفتها في الدنيا من الانكباب على ما تطلبه هذه النشأة الطبيعية من الاتساع فيما هو فوق الحاجة فلا فرق بينه وبين سائر الحيوانات وهذا هو الإنسان الحيوان وربما أكثر الحيوان إذا اكتفى ما له همة في المستأنف والإنسان ليس كذلك لا يزال مهموما ومنهوما في الحال والاستقبال فيجمع ولا يشبع لأنه خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون وهم المتأخرون عن هذه الصفة التي جبلوا عليها فإن المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة فهذا معنى قوله إلا المصلين هنا في الاعتبار وقد يكون تفسيرا للآية فإنه سائغ ولكن حمله على الإشارة أعصم فنفوس العامة التي هي بهذه المثابة محجوبة في الدنيا والآخرة ليرتفع عنهم الألم كما ارتفع هنا وكذلك أهل الله فكما هم الخلق في الدنيا كذلك يكونون غدا يوم القيامة ولولا حشر الأجسام في الآخرة لقامت بنفوس الزهاد والعارفين في الآخرة حسرة الفوت ولتعذبوا لو كان الاقتصار على الجنات المعنوية لا الحسية فخلق الله في الآخرة جنة حسية وجنة معنوية وأباح لهم في الجنة الحسية ما تشتهي أنفسهم ورفع عنهم ألم الحاجات فشهواتهم كالإرادة من الحق إذا تعلقت بالمراد تكون فما أكل أهل السعادة لدفع ألم الجوع ولا شربوا لدفع ألم العطش ولما اشتغلوا هنا بالله من حيث ما كلفهم فهم يجرون في الأمور بالميزان الذي حد لهم خائفين من أن يطففوا أو يخسروا الميزان جعل لهم سبحانه الاشتغال في الآخرة بالجنة الحسية لأجسامهم الطبيعية جزاء وفاقا قال تعالى إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون والعارفون وغير العارفين في هذه الصورة الحسية على السواء ويفوز العارفون بما يزيدون عليهم بجنات المعاني فجنى الجنتين للعارفين دان فبأي آلاء ربكما تكذبان ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب فهذا الاشتغال منع العامة وعلماء الرسوم في الدنيا والآخرة وأهل الله معهم من حيث نفوسهم النباتية والحيوانية في هذا الشغل وهم مع الله من ذلك الوجه الآخر فكما أنه ما حجبهم في الدنيا ما هم عليه من الحاجة إلى الغذاء مع قوة سلطانه في الدنيا لدفع آلام الجوع والعطش والإحساس بأنواع الأشياء المؤلمة كذلك لا يحجبهم في الآخرة نعيم الجنان المحسوس عن الله في الاتصاف بأسمائه التي تليق بالدار الآخرة لأن لها أسماء إلهية لا يعلمها اليوم أحد أصلا فإن الأسماء الإلهية إنما يظهرها مواطنها يقول النبي صلى الله عليه وسلم فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن فإن الموطن يعين الأسماء فإنه عن آثارها ولكن هذا الذي نذكره من النعيم الذي لا حسرة فيه إنما يكون في الجنة لا في القيامة فإن يوم القيامة يوم التغابن للكل فالسعيد يقول يا ويلتا ليتني زدت والشقي يقول يا حسرتا على ما فرطت ولهذا سمي يوم الحسرة لإظهاره مثل هذا لأنه من حسرت الثوب عني فظهر ما تحته أي أزلته ( وصل في فصل من جعل الثلاثة الأيام من كل شهر صوم أيام الثلاثة البيض ) خرج النسائي من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الشهر

641

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 641
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست