responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 624


حقيقته العبودية فلا يتصرف إلا بحكم الاضطرار والجبر والتخيير نعت السيد ما هو نعت العبد وقد أقام السيد عبده في التخيير اختبارا وابتلاء ليرى هل يقف مع عبوديته أو يختار فيجري في الأشياء مجرى سيده وهو في المعنى مجبور في اختياره مع كون ذلك عن أمر سيده فكان لا يزول عن عبوديته ولا يتشبه بربه فيما أوجب الله عليه التخيير فمن العبيد من حار ولا يدري ما يرجح ومن العبيد من قال إن ربي يقول ما كان لهم الخيرة فنفى فإنا واقف مع النفي فلا أخرج عن عبوديتي طرفة عين ومنهم من قال إن ربي يقول ما كان لهم الخيرة من ذواتهم بل أنا أبحت لهم التصرف على الاختيار اخترت لهم ذلك وعينت لهم محالها ومن محالها ما جاء في هذه الآية من التخيير بين الصوم والفطر وبعض الكفارات ولما نبه عباده على إن الصوم خير لهم إذا اختاروه أبان لهم بذلك عن طريق الأفضلية ليرجحوا الصوم على الفطر فكان هذا من رفقه سبحانه بهم حيث أزال عنهم الحيرة في التخيير بهذا القدر من الترجيح ومع هذا فالابتلاء له مصاحب لأنه تعالى لم يوجب عليه فعل ما رجحه له بل أبقى له الاختيار على بابه ولذلك لا يأثم بالإفطار فمن صامه فقد أدى واجبا فإنه فرض عليه فعل أحدهما لا على التعيين فإذا عينه المكلف وهو العبد تعينت الفريضة فيه وهو في أصله مخير فيه فهو يشبه صوم التطوع فيحصل للعبد الذي هذا حاله إذا صامه أجر الفرض وأجر التطوع وأجر المشقة فهو أعظم أجر أو أكثر من الذي يؤدي الواجب غير المخير وكذلك الأجر في الكفارات المخير فيها أجر الوجوب وأجر التطوع وهذا من كرم الله في التكليف انتهى الجزء السابع والخمسون ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( وصل في فصل تبييت الصيام في المفروض والمندوب إليه ) خرج النسائي عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها إن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له يكتب له الصيام من حين يبيت من أول الليل كان أو وسطه أو آخره فيتفاضل الصائمون في الأجر بحسب التبييت ويؤيد ذلك الوصال فكما يكتب له في إيصال يومه بالطرف الأول من ليله يكتب له في اتصال طرفه الآخر من ليله بيومه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان مواصلا فليواصل حتى السحر وسيرد الكلام في الوصال والسحور في هذا الباب فإن في هذا الحديث أعني من كان مواصلا إشعارا بالترغيب في أكلة السحور فالليل أيضا في الوصال محل للصوم ومحل للفطر فصوم الليل على التخيير كصوم التطوع في اليوم والصوم لله في الزمانين فإنه يتبع الصائم ففي أي وقت انطلق عليك اسم صائم فإن الصوم لله وهو بالليل أوجه لكونه أكثر نسبة إلى الغيب والحق سبحانه غيب لنا من حيث وعدنا برؤيته وهو من حيث أفعاله وآثاره مشهود لنا والحق على التحقيق غيب في شهود وكذلك الصوم غيب في شهود لأنه ترك والترك غير مرئي وكونه منويا فهو مشهود فإذا نواه في أي وقت نواه من الليل فلا ينبغي له أن يأكل بعد النية حتى تصح النية مع الشروع فكل ما صام فيه من الليل كان بمنزلة صوم التطوع حتى يطلع الفجر فيكون الحكم عند ذلك لصوم الفرض فيجمع بين التطوع والفرض فيكون له أجرهما ولما كان الصوم لله وأراد أن يتقرب العبد بدخوله فيه واتصافه به إلى الله تعالى كان الأولى أن يبيته من أول الثلث إلى آخر من الثلث الأول أو الأوسط فإن الله يتجلى في ذلك الوقت في نزوله إلى السماء الدنيا فيتقرب العبد إليه بصفته وهو الصوم فإن الصوم لا يكون إلا لله إلا إذا اتصف به العبد وما لم يتصف به العبد لم يكن ثم صوم يكون لله فإنه في هذا الموطن كالقرى لنزول الحق إليه وعليه ولما كان الصيام بهذه المثابة كما ذكرناه تولى الله جزاءه بأنانيته لم يجعل ذلك لغيره كما كان الصيام من العبد لله من غير واسطة كان الجزاء من الله للصائم من غير واسطة ومن يلقي سيده بما يستحقه كان إقبال السيد على من هذا فعله أتم إقبال لأن السيد ظهر في هذا الموطن ظهور مستفيد فقابله بنفسه ولم يكل كرامته لغيره والله غني عن العالمين ( وصل في فصل في وقت فطر الصائم ) خرج مسلم عن عبد الله بن أبي أوفى قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر في شهر رمضان فلما غابت

624

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 624
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست