responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 620


أنه يقد التغليظ وإن الكفارة عقوبة فإن كان صاحب الواقعة غنيا أو ملكا خوطب بالصيام فإنه أشق عليه وأردع فإن المقصود بالحدود والعقوبات إنما هو الزجر وإن كان متوسط الحال في المال ويتضرر بالإخراج أكثر مما يشق عليه الصوم أمر بالعتق أو الإطعام وإن كان الصوم عليه أشق أمر بالصوم ومن رأى أن الذي ينبغي أن يقدم في ذلك ما يرفع الحرج فإنه تعالى يقول وما جعل عليكم في الدين من حرج فيكلف من الكفارة ما هو أهون عليه وبه أقول في الفتيا وإن لم أعمل به في حق نفسي لو وقع مني إلا أن لا أستطيع فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا وكذلك فعل فإنه قال إن مع العسر يسرا ثم إن مع العسر يسرا فأتى بعسر واحد ويسرين معه فلا يكون الحق يراعي اليسر في الدين ورفع الحرج ويفتي المفتي بخلاف ذلك فإن كون الحدود وضعت للزجر ما فيه نص من الله ولا رسوله وإنما يقتضيه النظر الفكري فقد يصيب في ذلك وقد يخطئ ولا سيما وقد رأينا خفيف الحد في أشد الجنايات ضررا في العالم فلو أريد الزجر لكانت العقوبة أشد فيها وبعض الكبائر ما شرع فيها حدا ولا سيما والشرع في بعض الحدود في الكبائر التي لا تقام إلا بطلب المخلوق وإن أسقط ذلك سقطت والضرر بإسقاط الحد في مثله أظهر كولي المقتول إذا عفا وليس للإمام أن يقتله وأمثال هذا من الخفة والإسقاط فيضعف قول من يقول وضعت الحدود للزجر ولو شرعنا نتكلم في سبب وضع الحدود وإسقاطها في أماكن وتخفيفها في أماكن وتشديدها في أماكن أظهرنا في ذلك أسرارا عظيمة لأنها تختلف باختلاف الأحوال التي شرعت فيها والكلام فيها يطول وفيها إشكالات مثل السارق والقاتل وإتلاف النفس أشد من إتلاف المال وإن عفا ولي المقتول لا يقتل قاتله وإن عفا رب المال المسروق أو وجد عند السارق عين المال فرد على ربه ومع هذا فلا بد أن تقطع يده على كل حال وليس للحاكم أن يترك ذلك ومن هنا تعرف أن حق الله في الأشياء أعظم من حق المخلوق فيها بخلاف ما تعتقده الفقهاء قال صلى الله عليه وسلم حق الله أحق أن يقضى ( الاعتبار ) الترتيب في الكفارة أولى من التخيير فإن الحكمة تقتضي الترتيب والله حكيم والتخيير في بعض الأشياء أولى من الترتيب لما اقتضته الحكمة والعبد في الترتيب عبد اضطرار كعبودة الفرائض والعبد في التخيير عبد اختيار كعبودة النوافل وفيها رائحة من عبودية الاضطرار وبين عبادة النوافل وعبادة الفرائض في التقريب الإلهي بون بعيد في علو المرتبة فإن الله جعل القرب في الفرائض أعظم من القرب في النوافل وإن ذلك أحب إليه ولهذا جعل في النوافل فرائض وأمرنا أن لا نبطل أعمالنا وإن كان العمل نافلة لمراعاة عبودية الاضطرار على عبودية الاختيار لأن ظهور سلطان الربوبية فيها أجلي ودلالتها عليها أعظم ( وصل في فصل الكفارة على المرأة إذا طاوعت زوجها فيما أراد منها من الجماع ) فمن قائل عليها الكفارة ومن قائل لا كفارة عليها وبه أقول فإن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأعرابي ما ذكر المرأة ولا تعرض إليها ولا سأل عن ذلك ولا ينبغي لنا أن نشرع ما لم يأذن به الله ( الاعتبار ) النفس قابلة للفجور والتقوى بذاتها فهي بحكم غيرها بالذات فلا نقدر تنفصل عن التحكم فيها فلا عقوبة عليها والهوى والعقل هما المتحكمان فيها فالعقل يدعوها إلى النجاة والهوى يدعوها إلى النار فمن رأى أنه لا حكم لها فيما دعيت إليه قال لا كفارة عليها ومن رأى أن التخيير لها في القبول وإن حكم كل واحد منهما ما ظهر له حكم إلا بقبولها إذ كان لها المنع مما دعيت إليه والقبول فلما رجحت أثيبت إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر فقيل عليها الكفارة ( وصل في فصل تكرر الكفارة لتكرر الإفطار ) فقيل إنه من وطئ ثم كفر ثم وطئ في يوم واحد إن عليه كفارة أخرى وقيل من وطئ مرارا في يوم واحد فليس عليه إلا كفارة واحدة واختلفوا أيضا فيمن وطئ في يوم من رمضان ولم يكفر حتى وطئ في يوم ثان فقال بعضهم عليه لكل يوم كفارة وقال بعضهم عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الجماع الأول والذي أقول به إن عليه كفارة واحدة لأنها ما شرعت إلا لمراعاة رمضان في حال الصوم لا لمراعاة الصوم لأنه لو أفطر في صوم القضاء لم يكفر ولو كانت هذه الكفارة مثل كفارة الظهار لم يوجب عليه كفارة أخرى إذا كفر عن الجماع الأول فلما أوجبها بعد الوقوع لهذا جعلناها تلزمه

620

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 620
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست