responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 594


النقص والزكاة نقص من المال ولهذا لما كمل الحيوان بالإنسانية لم يكن فيه زكاة فإن الأشياء ما خلقت إلا لطلب الكمال فلا كامل إلا الإنسان وأكمل المعادن الذهب ولهذا لا يقبل النقص بالنار مثل ما يقبله سائر المعادن فإن قلت فالفضة قد نزلت عن درجة الكمال فهي ناقصة فوجبت الزكاة في أوقاصها قلنا قد أشركها الحق في الزكاة إذا بلغت النصاب في الذهب ولم يفعل ذلك في سائر المعادن فلو لا إن بينهما مناسبة قوية لما وقع الاشتراك في الحكم فليكن في الأوقاص كذلك فإن قلت إن الزكاة نقص من المال ومن بلغ الكمال لا ينقص والذهب قد بلغ الكمال والزكاة فيه إذا بلغ النصاب وهو ذهب في النصاب وذهب في الأوقاص ما زال عنه حكم الكمال قلنا كذلك أقول هكذا كان ينبغي لو جرينا على هذا الأصل لكن عارضنا أصل آخر إلهي وهو التبدل والتحول في الصور عند التجلي الإلهي واختلاف النسب والاعتبارات على الجناب الإلهي والعين واحدة والنسب مختلفة فهي العالمة من كذا والقادرة والخالقة من كذا فالحق سبحانه ما فرض الزكاة في أعيان المزكى من كونها أعيانا بل من كونها على الخصوص أموالا في هذه الأعيان خاصة لا في كل ما ينطلق عليه اسم مال فاعتبرنا لما جاء الحكم بالزكاة فيهما إذا بلغا النصاب المالية وما اعتبرنا أعيانهما واعتبرنا في الأوقاص أعيانهما لا المالية فرفعنا الزكاة فيهما كما اعتبرنا في تحول التجليات الاعتقادات والمرتبة وما اعتبرنا الذات واعتبرنا في التنزيه الذات وما اعتبرنا المرتبة ولا الاعتقادات فلما كان أصل الوجود وهو الحق تعالى يقبل الاعتبارات سرت تلك الحقيقة في بعض الموجودات بل في الموجودات مطلقا فاعتبرنا فيها وجودها مختلفة تارة لأمور عقلية وتارة لأمور شرعية ألا ترى الرقيق وهو إنسان وله الكمال إذا اعتبرنا فيه المالية أو اعتبارنا أيضا في المشتري له التجارة قومناه عليه بالقيمة وأنزلناه منزلة ما يزكى من المال فأخرجنا من قيمته الزكاة ألا ترى كمالية الحق لا تقبل وصفا من نعوت المحدثات فلما تجلت في حضرة التمثل للأبصار المقيدة بالحس المشترك تبعت الأحكام هذا التجلي الخاص فقال تعالى جعت فلم تطعمني وظمئت فلم تسقني ومرضت فلم تعدني ولما وقع النظر فيه من حيث رفع النسب قال ليس كمثله شئ وقال والله الغني عن العالمين فمن كان غنيا عن الدلالة عليه كان هو الدليل على نفسه لشدة وضوحه فإنه لا شئ أشد في الدلالة من الشئ على نفسه وقد نبهتك على إن الأحكام تتبع الاعتبارات والنسب وبعد أن وقع الحكم من الشارع في أمر ما بما حكم به عليها فلا بد لنا أن ننظر ما اعتبر فيه حتى حكم عليه بذلك الحكم وبهذا يفضل العالم على الجاهل فإذا تقرر هذا فاعلم إن البلوغ بالسن أو الإنبات أو الحلم للعقل هو كالنصاب في المال فكما إن النصاب إذا وجد في المال وجبت الزكاة فيه كذلك يجب التكليف على العاقل إذا بلغ ثم بعد أوان البلوغ يستحكم عقله لمرور الأزمان عليه كما يزيد المال بالتجارة فتظهر الأوقاص فمن لم يجد في استحكام عقله إن الله هو الفاعل مطلقا وأن العبد لا أثر له في الفعل وجبت عليه الزكاة في الأوقاص والزكاة حق الله في المال فنضيف إلى الله من أعماله ما ينبغي أن يضيف وهنا رجلان منهم من يضيف إلى الله ما يضيفه على جهة الحقيقة ويضيف إلى نفسه من أعماله ما يضيف على جهة الأدب كقوله فأردت أن أعيبها وكقوله فأراد ربك أن يبلغا أشدهما وكقول الخليل وإذا مرضت فهو يشفيني وكقوله ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ومنهم من يضيف ذلك العمل كله إلى الإنسان عقلا وشرعا كالمعتزلي ويضيف إلى الله من ذلك خلق القدرة له في هذا العامل لا غير وأما من لا يرى الأفعال في استحكام عقله إلا من الله ولا أثر للعبد فيها لم ير الزكاة في الأوقاص لأنه ما ثم ما يرد إلى الله فإنه علم إن الكل لله كما قال شيبان الراعي لما سئل عن الزكاة فقال لابن حنبل وللشافعي وهما كانا السائلين على مذهبنا أو على مذهبكم إن كان على مذهبنا فالكل لله لا نملك شيئا وإن كان على مذهبكم ففي كل أربعين شاة من الغنم شاة فاعتبر شيبان أمرا ما فأوجب الزكاة واعتبر أمرا آخر فلم يوجب الزكاة والمال هو المال بعينه ( وصل في فصل ضم الورق إلى الذهب ) فمن قائل نضم الدراهم إلى الدنانير فإذا كان من مجموعهما النصاب وجبت الزكاة ومن قائل لا يضم فضة إلى ذهب ولا ذهب إلى فضة وبه أقول ( الاعتبار في ذلك ) قال النبي صلى الله عليه وسلم إن لعينك عليك حقا ولنفسك عليك حقا

594

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 594
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست