responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 582


أن يكون عليه السائل من الحضور مع الله فليستكثر هذا السائل من السؤال فإن الله هو المسؤول فإن لم يحضر له ذلك ولم يشاهد سوى الأستاذ ولا يرى العلم إلا منه ولا يرده ذلك العالم إلى الله بقوله الله أعلم ولا يقول له من العلم ما يرده إلى الله فيه فذلك الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره مسلم من حديث أبي هريرة من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقلل أو ليستكثر وإنما أراد الله تعالى من عباده أن يرجعوا إليه في المسائل لا إلى أمثالهم إلا بقدر ما يتعلمون منهم كيف يسألون الله وهو حد التقوى المشروع فقال واتقوا الله بما علمكم من أعلمته بطريق التقوى ويعلمكم الله فكان هو سبحانه المعلم وسواء كانت المسألة في العلم أو في غير العلم من أعراض الدنيا كما قال لموسى عليه السلام ربه عز وجل فيما أوحى إليه به أو كلمه به سلني حتى الملح تلقيه في عجينك وقال في باب الإشارة لا التفسير الرحمن علم القرآن في أي قلب يكون ويستقر وعلى أي قلب ينزل خلق الإنسان علمه البيان لتبين للناس ما نزل إليهم فأضاف التعليم إليه لا إلى غيره هذا كله من الغيرة الإلهية أن يسأل المخلوق غير خالقه ليريح عباده من سؤال من ليس بأيديهم من الأمر شئ وقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا وما خص صلى الله عليه وسلم مسألة من مسألة فقال صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئا وقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها وأراد من الناس أن يعملوا بما علمهم الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ويسألون الله في أعمالهم أن يزيدهم علما إلى علمهم منه فيتولى بنفسه تعليم عباده فإن الله غيور فلا يحب أن يسأل غيره وإن سأل غيره بلسان الظاهر فيكون القلب حاضرا مع الله عند سؤاله إن الله هو المسؤول الذي بيده ملكوت كل شئ بالمعنى فإن الاسم الظاهر من الله هو هذا الشخص فإنه من جملة الحروف المرقومة في رق الوجود المنشور فيأخذ هذا السائل جوابه من الله إما بقضاء الحاجة وإما بالدعاء ولهذا كان سؤال الرجل السلطان أولى من سؤال غير السلطان لأن وجود الحق أظهر فيه من غيره من السوقة والعامة ولهذا رفعت الكدية عن الذين يسألون الملوك فإنهم نواب الله وهم موضع حاجة الخلق وهم المأمورون أن لا ينهروا السائل يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو النائب الأكبر وأما السائل فلا تنهر ولهذا يسأل الله تعالى يوم القيامة النواب وهم الرعاة عن من استرعاهم عليه ويسأل الرعايا ما فعلوا فيهم ثم نرجع إلى مسائل الصدقة التي نحن في بابها فنقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل كدوح يكدح بها الرجل في وجهه فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك إلا أن يسأل ذا سلطان في أمر لا يجد منه بدا وهذا نص ما ذكرناه وهو حديث خرجه أبو داود عن سمرة بن جندب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سؤال الصالحين العارفين أهل المراقبة أولى من سؤال السلاطين إلا أن تكون هذه الصفات في السلطان فإن أصحاب هذه الصفات أقرب نسبة إلى الله تعالى وقد رأينا بحمد الله من السلاطين من هو بهذه المثابة من الدين والورع والقيام للحق بالحق رحمهم الله وقد ورد في الخبر أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسأل يا رسول الله قال لا وإن كنت سائلا ولا بد فسل الصالحين فالعارفون إذا سألوا في أمر تعين لهم من مصالح دنياهم إنما يسألون الله بالله في العالم والعلماء بالله الذين استفرغهم شهود الله شغلهم ذكر الله عن المسألة من الله فهؤلاء أصحاب أحوال فأعطاهم العلم به وهو أفضل ما أعطى السائلون فإذا علموه علم ذوق لم يذكروه إلا له بهم وبه فأعطاهم بهذا الذكر أمرا جعلهم أن يتركوا الذكر له وبه فأعطاهم الرؤية إذ كانت الرؤية أرفع من المشاهدة وهي أفضل صدقة تصدق الله بها على المقربين من عباده ( وصل في فصل أخذ العلماء بالله من الله العلم الموهوب ) اعلم أن العلماء بالله لا يأخذون من العلوم إلا العلم الموهوب وهو العلم اللدني علم الحضر وأمثاله وهو العلم الذي لا تعمل لهم فيه بخاطر أصلا حتى لا يشوبه شئ من كدورات الكسب فإن التجلي الإلهي المجرد عن المواد الإمكانية من روح وجسم وعقل أتم من التجلي الإلهي في المواد الإمكانية وبعض التجليات في المواد الإمكانية أتم من بعض فإذا وقع للعالم بالله من تجل إلهي أشراف على تجل آخر لم يحصل له ثم حصل له بعد ذلك فأعطاه من العلم به ما لم يكن عنده لم يقبله في العلم الموهوب وألحقه بالعلم المكتسب وكل علم حصل له عن دعاء فيه أو بدعاء مطلق فهو مكتسب وذلك لا يصلح إلا للرسل

582

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 582
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست