responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 572


الملائكة فإن الملك لا يدعو بشر ولا سيما في حق المؤمن بوجوده فكيف بتوحيده فكيف بما جاء من عنده ولا شك أن دعاء الملك مجاب لوجهين الواحد لطهارته والثاني إنه دعاء في حق الغير فهو دعاء لصاحب المال بلسان لم يعصه به وهو لسان الملك إذ هذا موجود في لسان بني آدم مع كونهم عصاة الألسنة ولكن قال الله تعالى لموسى عليه السلام ادعني بلسان لم تعصني به فقال وما هو قال دعاء أخيك لك ودعاؤك له فإن كل واحد منكما ما عصاني بلسان غيره الذي دعاني به في حقه فما دعاني له إلا بلسان طاهر وأضاف الدعاء إليه لأن الداعي نائب عن المدعو له ولسان الداعي ما عصى الله به المدعو له ومن ذلك أيضا ما خرجه مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قال لي أنفق أنفق عليك فقد أخبر الله تعالى أن إنفاقك جعل الحق ينفق عليك فهذا من أثر الصدقة في النسبة الإلهية ومن ذلك ما ذكره الترمذي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع عن ميتة السوء وهو حديث حسن غريب فهذا من أثر الصدقة الدفع وإطفاء نار الغضب فإن الله يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله على الوجه الذي يليق بجلاله فإن الغضب الذي خاطبنا به معلوم بلا شك ولكن نسبته إلى الله مجهولة لا إن الغضب مجهول أو يحمل على ما ينتجه في الغاضب أو يحمل على معنى آخر لا نعلمه نحن إذ لو كان ذلك لخوطبنا بما لا نفهم فلا يكون له أثر فينا ولا يكون موعظة فإن المقصود الإفهام بما نعلم ولكن إنما جهلنا النسبة خاصة لجهلنا بالمنسوب إليه لا بالمنسوب فاعلم ذلك ولقد جرى لبعض شيوخنا من أهل الموازنة بالمغرب الأقصى أن السلطان رفع إليه في حقه أمور يجب قتله بها فأمر بإحضاره مقيدا وينادي في الناس أن يحضروا بأجمعهم حتى يسألهم عنه وكان الناس فيه على كلمة واحدة في قتله والقول بما يوجب ذلك وزندقته فمر الشيخ في طريقه برجل يبيع خبزا فقال له أقرضني نصف قرصة فأقرضه فتصدق بها على شخص عابر ثم حمل وأجلس في ذلك الجمع الأعظم والحاكم قد عزم عليه إن شهد فيه الناس بما ذكر عنه أنه يقتله شر قتلة وكان الحاكم من أبغض الناس فيه فقال يا أهل مراكش هذا فلان ما تقولون فيه فنطق لكل بلسان واحد إنه عدل رضي فتعجب الحاكم فقال له الشيخ لا تعجب فما هي هذه المسألة بعيدة أي غضب أعظم غضبك أو غضب الله وغضب النار قال غضب الله وغضب النار قال وأي وقاية أعظم وزنا وقدرا نصف قرصة أو نصف تمرة قال نصف قرصة قال دفعت غضبك وغضب هذا الجمع بنصف رغيف لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اتقوا النار ولو بشق تمرة وقال إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء وقد فعل الله ذلك دفع عني شركم وميتة السوء بنصف رغيف مع حقارتكم وعظم صدقتي فإن صدقتي أعظم من شق تمرة وغضبكم أقل من غضب النار وغضب الرب فتعجب الحاضرون من قوة إيمانه وأسوأ الموتات أن يموت الإنسان على حالة تؤديه إلى الشقاء ولا يغضب الله إلا على شقي فانظر إلى أثر الصدقة كيف أثرت في الغضب الرباني وفي أسوأ الموتات وفي سلطان جهنم فالمتصدق على نفسه عند الغضب ليس إلا بأن يملكها عند ذلك فإن ملكه إياها عند الغضب صدقة عليها من حيث لا يشعر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب فإن الغضب نار محرقة فهذا من صدقة الإنسان على نفسه ثم إن الله قد ذكر أنه لا يغفر لمشرك ومع هذا فإن الله يهون عليه بقدر ما أنفق وقد ذكر أبو داود عن عائشة قالت يا رسول الله أين عبد الله بن جدعان قال في النار قال فاشتد عليها فقال يا عائشة ما الذي اشتد عليك قالت كان يطعم الطعام ويصل الرحم قال أما أنه يهون عليه بما تقولين فيه إنه يخفف عنه بمجرد ما يذكر به من مكارم الأخلاق وقال البخاري في صحيحه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد شق تمرة فبكلمة طيبة وقد قال صلى الله عليه وسلم إن الكلمة الطيبة صدقة وكل تسبيحة صدقة وكل تهليلة صدقة وغير ذلك من الأذكار والأفعال التي تقتضيها مكارم الأخلاق ولقد ذكر مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دينار أنفقته في سبيل الله دينار أنفقته في رقبة دينار تصدقت به على مسكين دينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك ( وصل في فصل من أنفق مما يحبه )

572

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست