responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 556


الذي يجب عليه الزكاة وهو الذي يأخذ الصدقات كما قال وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ولكن بوجوه ونسب مختلفة فهو المعطي والآخذ لا إله إلا هو ولا فاعل سواه فيوجب من كونه كذا ويجب عليه من كونه كذا قال تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة أي أوجب وفرض لم يوجب ذلك عليه موجب بل هو سبحانه الموجب على نفسه منة منه وفضلا علينا فحقائق أسمائه بها تعرف إلينا وعلى حقائق هذه الأسماء أثبتت الشرائع الإلهية كلها قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا وقسم فقال في نسق هذا الكلام ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وهو ما يسوءك فأنت محل أثر السوء فمن حيث هو فعل لا يتصف بالسوء هو للاسم الإلهي الذي أوجده فإنه يحسن منه إيجاد مثل هذا الفعل فلا يكون سوءا إلا من يجده سوء أو من يسوءه وهو نفس الإنسان إذ لا يجد الألم إلا من يوجد فيه ففيه يظهر حكمه لا من يوجد فإنه لا حكم له في فاعله فهذا معنى قوله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وإن كانت الحسنة كذلك فذلك يحسن عند الإنسان فإنها أيضا تحسن من جانب الحق الموجد لها فأضيفت الحسنة إلى الله فإنه الموجد لها ابتداء وإن كانت بعد الإيجاد تحسن أيضا فيك ولكن لا تسمى حسنة إلا من كونها مشروعة ولا تكون مشروعة إلا من قبل الله فلا تضاف إلا إلى الله ولهذا قلنا في السيئة إنها من قبل الحق حسنة لأنه بينها لتجتنب فتسوء من قامت به إما في الدنيا وإما في العقبى فقد يكون الترك سيئة وليس بفعل وقد يكون الفعل سيئة وكذلك الحسنة قد تكون فعلا وتركا والتوفيق الإلهي هو المؤثر في الفعل والترك من حيث ما هو ترك له ومن حيث ما هو ظاهر منه إذا كان فعلا وما من حق واجب على العبد من ترك وفعل إلا ولله فيه حق يقوم به الحاكم نيابة عن الله فإن كان ما بقي من ذلك الفعل أو الترك حق لله تعالى فهو حق لله من جميع وجوهه لا حق لمخلوق فيه كالصلاة وإقامة الحدود وإن كان ما بقي من ذلك الفعل أو الترك حق لمخلوق كضرب أو شتم أو غصب مال ففيه حق لله وهو ما ذكرناه وفيه حق للمخلوق والحق الذي فيه لله هو عين الزكاة الذي في جميع أفعال الله في خلقه والحاكم نائبه فيما استخلفه فيه فإن شاء قبضه وإن شاء تركه على ما يعطيه الحال والمصلحة ولا حرج عليه في ذلك وهو المسمى تعزيرا فيما لا حد فيه فتقطع يد السارق ولا بد وإن أخذ المال من يده وعاد إلى صاحبه فالحاكم مخير إن شاء عزره بذلك القدر الذي فيه لله من الحق المشروع وإن شاء لم يعزره ويترك ذلك لله حتى يتولاه في الآخرة بلا واسطة ( وصل ) ومن هذا الباب أرض الخراج إذا انتقلت إلى المسلمين وهي الأرض التي كانت بيد أهل الذمة هل فيها عشر مع الخراج أم لا فمن قائل إن فيها العشر أعني الزكاة ومن قائل ليس فيها عشر فاعلم أن الزكاة إما أن تكون حق الأرض أو حق الحب فإن كانت حق الأرض لم تجب الزكاة لأنه لا يجتمع فيها حقان وهو العشر والخراج وإن كانت حق الحب كان الخراج حق الأرض والعشر حق الحب والخلاف في بيع أرض الخراج معلوم عند العلماء ( وصل ) الاعتبار في ذلك الأعمال البدنية بمنزلة الزرع والبدن بمنزلة الأرض والهوى حاكم على الأرض فإذا انتقلت هذه الأرض إلى حكم الشرع الذي هو العمل بما يقتضيه الإسلام فخراج الأرض هو ما لله عليه من الحقوق من حيث إن جعلها ذات إدراكات وهو علم يستقل بإدراكه العقل فلله في هذه الأرض الخراج إذ شكر المنعم محمود وهو المنعم بها سبحانه فإذا حصلت هذه الأرض في يد المسلم أعني الشرع وانتقلت إليه فالمسلمون على قسمين عارف وغير عارف فالعارف إذا زرع الأعمال الصالحة في هذه الأرض رأى أن الزكاة حق العمل لا حق الأرض فأوجب الزكاة في العمل وهو أن يرد الأعمال إلى عاملها وهو الحق سبحانه وغير العارف يرى أن العمل للقوى البدنية وقد وجب عليها الخراج فلا تجب عنده الزكاة حتى لا يجتمع عليها حقان فإنه لا يرى العمل إلا لنفسه فإنه غير عارف ولم يكلف الله نفسا إلا ما آتاها وقال ذلك مبلغهم من العلم وأما قولنا في هذه المسألة فإنه يجتمع في الأرض حقان ولا يبعد ذلك لأن الأرض من كونها بيد من هي بيده يمنع غيره من التصرف فيها إلا بإذنه فعليه حق فيها يسمى الخراج ومن حيث إنه زرعها فاختلف حال الأرض بكونها قد زرعت من كونها لم تزرع فوجب فيها حق آخر من كونها ذات زرع فوجب العشر فيها من كونها مزدرعة ووجب الخراج فيها من كونها بيده وحكمه عليها وكذلك نأخذه في الاعتبار ( وصل ) وأما أرض العشر إذا انتقلت إلى الذمي فزرعها فمن

556

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 556
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست