responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 532


من الطاعات التي تختص بالجوارح فإذا لم يتحفظ الإنسان في غذائه ولم ينظر في صلاح مزاجه وروحه الحيواني المدبر لطبيعة بدنه اعتلت القوي وضعفت وفسد الخيال والتصور من الأبخرة الفاسدة الخارجة من القلب وضعف الفكر وقل الحفظ وتعطل العقل بفساد الآلات التي بها يدرك الأمور فإن الملك إنما هو بوزعته ورعاياه وكذلك الأمر أيضا إن صلح فاعتبر الشارع الأصل المفسد إذا فسد لهذه الآلات والمصلح لهذه الآلات إذا صلح إذ لا طاقة للإنسان على ما كلفه ربه إلا بصلاح هذه الآلات واستقامتها وسلامتها من الأمور المفسدة لها ولا يكون ذلك إلا من القلب فهذا من جوامع الكلم الذي أوتيه صلى الله عليه وسلم فلو أراد بالقلب العقل هنا ما جمع من الفوائد ما جمع بإرادته القلب الذي يحوي عليه الصدر ولهذا جاء باسم المضغة والبضغة لرفع الشك حتى لا يتخيل خلاف ذلك ولا يحمله السامع على العقل وكذلك قال الله ولكن تعمي القلوب التي في الصدور فإذا فسدت رعميت عن إدراك ما ينبغي فإن فساد عين البصيرة فيما يعطيه البصر إنما هو من فساد البصر وفساد البصر إنما هو من فساد محله وفساد محله إنما هو من فساد روحه الحيواني الذي محله القلب فقيام المصلي عند صدر الجنازة عند الصلاة عليها أولى وأحق لأجل قلبه الذي هو الأصل في صلاحه وفساده ( وصل في فصل ترتيب الجنائز عند الصلاة ) واختلفوا في ترتيب جنائز إذا اجتمع الرجال والنساء عند الصلاة عليهن فقال قوم يجعل الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة وقال قوم فيه بالعكس وقال قوم يصلي على الرجال على حدة مفردين وعلى النساء على حدة مفردين والذي أقول به إن كان في الجنائز ذكران جعل أحدهما مما يلي الإمام والآخر مما يلي القبلة ويجعل النساء فيما بينهما وإن لم يكن إلا رجل واحد جعل مما يلي الإمام وإن جعل مما يلي القبلة فهو أولى وكل هذا ما لم يرد حد مشروع يوقف عنده وقد بحثنا أن نجد في ذلك حدا للشرع فلم نجد وقد ورد عن بعض الصحابة أنهم كانوا يجعلون الرجال مما يلي القبلة والنساء مما يلي الإمام فإذا سألوا عن ذلك قالوا هي السنة وهو أولى عندي ومثل هذا إذا وقع يدخل في المسند عندهم والتوقيف في الحكم أولى ولهذا احتاط من فرق في الصلاة بين الرجال والنساء والذي يترجح عندي تقديم الرجال مما يلي القبلة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن قتلى أحد كان يقدم الأفضل مما يلي القبلة ويدفن الجماعة في قبر واحد فكان تقديم الأفضل مما يلي القبلة أولى لأنه إلى الله أقرب شرعا والله أعلم ( الاعتبار ) النساء محل التكوين فهن إلى المكون أقرب فهم أولى بالقبلة من الرجال وإن وقع التكوين في الرجال مرة واحدة ولم يكن سوى تكوين حواء من آدم فالحكم للغالب ولا سيما وقد جعل في مقابلة تكوين حواء من آدم تكوين عيسى في مريم من غير فحل وبقي الغالب في الإناث إنهن محل التكوين فهن أولى بالقبلة ليكون كل مولود يولد على الفطرة فإنه إذا ولد خرج إلينا وهو حديث عهد بربه كما جاء بربه كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغيث إنه حديث عهد بربه فكان الرجال أولى بأن يكونوا مما يلي الإمام والاعتبار الآخران الرجل الميت إذا كان مما يلي الإمام كان سترة للإمام عن المرأة فإن المرأة عورة ومجاورة الميت لها أولى لعدم الشهوة من مجاورة الحي فالنساء أولى بالتقدم مما يلي القبلة من الرجال وكان الحق أولى بإمائه وسترهن عن الإمام أو المصلي عليهن فإن كان الإمام عارفا بحيث أن يعلم من نفسه أن الحق سمعه وبصره فلا يبالي أيقدم النساء إليه أو الرجال وتقدم النساء أولى مما يلي من هو بهذه الصفة والرجال مما يلي القبلة فإنه أقوى في الاعتبار لأن أكثر الأكوان الطبيعية إنما كونها الحق عند الأسباب فتقديم النساء مما يلي الإمام الذي يكون بهذه المثابة أولى فإنه اعتبار محقق فإن الإمام الموصوف بهذه الصفة آلة والحق غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون وفي هذه المسألة من الأسرار البديعة العجيبة ما لو وقف عليها العقلاء لتعجبوا وحاروا وعلموا حكمة الله في الأشياء وما معنى حجابه النور والظلمة وما ذا يحد هذا الحجاب والحق لا يقبل الحد ولا يحتجب عنه شئ ولا يحجبه شئ إذ لو حجبه شئ لحكم عليه ذلك الحجاب بالحد ولا يصح أن يقبل الحجاب فلا يصح أن يكون العبد محجوبا عن الله ولكن يكون محجوبا عن نسبة خاصة قال تعالى في الفجار إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فأضاف الرب إليهم وهي النسبة التي يرجونها منه لم يجدوها لأنهم طلبوها من غير جهة ما تكون فيه فكانوا كمن يقصد الشرق بنيته وهو يمشي إلى

532

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 532
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست