responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 452


من يناجيه وهو الله وكما لا يشتغل بلسانه بسوى كلام ربه أو ذكره الذي شرع له لا يصح فيها شئ من كلام الناس كذلك يحرم عليه في باطنه كلامه النفسي مع من يشاريه أو يبايعه أو يتحدث معه في باطنه في نفس صلاته من أهل وولد وإخوان وسلطان سواء فلهذا لا يشترط في الإمام كثرة العلم وإنما الغرض ما يليق بهذه الحالة فإن اتفق أن يكون من هذه حالته من الدين والمراقبة والحياء من الله كثير العلم راسخا سيدا كان الأولى بالتقدم فإنه الأفضل ممن ليس له ذلك فالصفوف إنما شرعت في الصلاة ليتذكر الإنسان بها وقوفه بين يدي الله يوم القيامة في ذلك الموطن المهول والشفعاء من الأنبياء والمؤمنين والملائكة بمنزلة الأئمة في الصلاة يتقدمون الصفوف فكم شخص يكون هنا مأموما من أهل الصفوف يكون غدا إماما أمام الصفوف ويكون إمامه الذي كان في الدنيا يصلي به مأموما غدا فيا لها من حسرة وصفوفهم في الصلاة كصفوف الملائكة عند الله كما قال تعالى والملك صفا صفا وقال والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وهو الإمام النائب عن الجماعة وأمرنا الحق أن نصف في الصلاة كما تصف الملائكة يتراصون في الصف وإن كانت الملائكة لا يلزم من خلل صفها لو اتفق أن يدخلها خلل أعني ملائكة السماء دخول الشياطين لأن السماء ليست بمحل للشياطين ولا بمكان وإنما يتراصون لتناسب الأنوار حتى يتصل بعضها ببعض فتنزل متصلة إلى صفوف المصلين فتعمهم تلك الأنوار فإن كان في صف للمصلين خلل دخلت فيه الشياطين أحرقتهم تلك الأنوار وكذلك يكونون في الكثيب في الزور العام يصفون كما يصفون في الصلاة فمن دخله خلل في صفه هنا وكان قادرا على سده بنفسه فلم يفعل حرم هنالك في ذلك الموطن بركته وإن لم يقدر على سده عمته البركة هناك وكل مصل بين رجلين فإنه ينضم إلى أحدهما ثم يجذب الآخر إليه فإن انجذب إليه كان وإلا كان الإثم على ذلك ويكون الواحد الذي ينضم إليه هو الذي يلي جانب الإمام ولا بد فإن كان في الصف الأول نقص وهو يراه وهو قادر على الوصول إليه ولا يمشي إلى الصف الأول حتى يتمه أعني يسد الخلل الذي فيه لم ينفعه تراصه في الصف الذي هو فيه جملة واحدة فإنه ما تعين عليه إلا الأول فاعلم ( فصل بل وصل في المصلي خلف الصف وحده ) اختلف الناس فيه فمن قائل بصحة صلاته ومن قائل بأنها لا تصح والذي أذهب إليه في حكم من هذه حالته فإنه لا يخلو إما أن يجد سبيلا إلى الدخول في الصف أو لا يجد فإن لم يجد فليشر إلى رجل من أهل الصف أن يختلج إليه فإن لم يختلج إليه لجهله بما له في ذلك عند الله من الأجر فإن صلاة هذا الرجل صحيحة فإنه قد اتقى الله ما استطاع ولا يستطيع في هذه الحالة أكثر من هذا فإن قدر على شئ مما ذكرناه ولم يفعل فصلاته فاسدة فإن النبي عليه السلام أمر من كان صلى خلف الصف وحده أن يعيد وهو حديث وابصة بن معبد ( اعتبار ذلك في النفس ) القربات إلى الله لا تعلم إلا من عند الله ليس للعقل فيها حكم بوجه من الوجوه فإذا شرع الشارع القربات فهي على حد ما شرع وما منع من ذلك أن يكون قربة فليس للعقل أن يجعلها قربة ثم نرجع إلى مسألتنا فلا يخلو هذا المصلي وحده خلف الصف مع القدرة على ما قلناه إما أن يكون من أهل الاجتهاد ويكون حكمه بإجازة ذلك الفعل وصحة صلاته عن اجتهاد أو لا يكون عن اجتهاد فإن كان عن اجتهاد فالصلاة صحيحة وإن لم يكن عن اجتهاد وكان مقلد المجتهد في ذلك بعد سؤاله إياه فصلاته صحيحة وإن فعل ذلك لا عن اجتهاد ولا عن سؤال فصلاته فاسدة وهكذا في جميع القربات المشروعة كما صحت صلاة الإمام بين يدي الجماعة في غير صف صحت صلاة من هو خلف الصف وحده فإن لطيفة الإنسان واحدة العين ولا تصف صفوف الجوارح عند الصلاة ولا ينبغي أن يكون إمامها فإنها لا تقبل الجهة فما صلت إلا وحدها وظاهر الإنسان جماعة فهو في نفسه صف وحده فإن كل جزء منه مكلف بالعبادة والصلاة ولا ينفصل بعضه عن بعضه فهو صف وحده فإن اشتغل ببعض جوارحه فيما ليس من الصلاة كان له ذلك الاشتغال في صف ذاته كالخلل الداخل في الصف فبطريق الاعتبار ما صلى الإنسان من حيث جملته إلا في صف ومن حيث لطيفته وحده فإنها لا تقبل الصفوف لعدم التحيز وهذا على مذهب من يقول إنها غير متحيزة وأما من قال بتحيزها التحقت بجملة ذات المصلي فما صلى من هو في صف ومن

452

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 452
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست