responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 396


يلطف البرزخ صورتها حتى يقبلها عالم الغيب وكذلك برزخ الفجر وهو خروج عالم الغيب إلى عالم الشهادة والحس فلا بد أن يمر ببرزخ الخيال وهو وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فما هو من عالم الغيب ولا من عالم الشهادة فيأخذ البرزخ الذي هو الخيال المعبر عنه بوقت الفجر إلى طلوع الشمس المعاني المجردة المعقولة التي لها الليل فيكثفها الخيال في برزخه فإذا كساها كثافة من تخيله بعد لطافتها حينئذ وقعت المناسبة بينها وبين عالم الحس فتظهر صورة كثيفة في الحس بعد ما كانت صورة روحانية لطيفة غيبية فهذا من أثر البرزخ يرد المعقول محسوسا في آخر الليل ويرد المحسوس معقولا في أول الليل مثاله أن لصورة الدار في العقل صورة لطيفة معقولة إذا نظر إليها الخيال صورها بقوته وفصلها وكثفها عن لطافتها في العقل ثم صرف الجوارح في بنائها بجمع اللبن والطين والجص وجميع ما نحيله البناء المهندس فأقامها في الحس صورة كثيفة يشهدها البصر بعد ما كانت معقولة لطيفة تتشكل في أي صورة شاءت فزالت عنها في الحس تلك القوة بما حصل لها من التقييد فتبقى النهار كله مقيدة بتلك الصورة على قدر طول النهار فإن كان النهار لا انقضاء له كيوم الدار الآخرة فتكون الصورة لا ينتهي أمدها وإن كان أنهار ينقضي كيوم الدنيا وأيامها متفاضلة فيوم من أربع وعشرين ساعة ويوم من شهر ويوم من سنة ويوم من ثلاثين سنة ودون ذلك وفوق ذلك فتبقى الصورة مقيدة بتلك المدة طول يومها وهو المعبر عنه بعمرها إلى الأجل المسمى إلى أن يجيئ وقت المغرب فيلطف البرزخ صورتها وينقلها من عالم الحس ويؤديها إلى عالم العقل فترجع إلى لطافتها من حيث جاءت هكذا حركة هذا الدولاب الدائر فإن فهمت وعقلت هذه المعاني التي أوضحنا لك أسرارها علمت علم الدنيا وعلم الموت وعلم الآخرة والأزمنة المختصة بكل محل وأحكامها والله يفهمنا وإياك حكمه ويجعلنا ممن ثبت في معرفته قدمه فالليل ثلاثة أثلاث والإنسان ثلاثة عوالم عالم الحس وهو الثلث الأول وعالم خياله وهو الثاني وعالم معناه وهو الثلث الآخر من ليل نشأته وفيه ينزل الحق وهو قوله وسعني قلب عبدي وقوله إن الله لا ينظر إلى صوركم وهو الثلث الأول ولا إلى أعمالكم وهو الثلث الثاني ولكن ينظر إلى قلوبكم وهو الثلث الآخر فقد عم الليل كله فمن قال إن آخر الوقت الثلث الأول فباعتبار ثلث الحس ومن قال آخره إلى نصف الليل وهو وسط الثلث الثاني فباعتبار الثلث الثاني وهو عالم خياله لأنه محل العمل في التلطيف أو التكثيف ومن قال إلى طلوع الفجر فباعتبار عالم المعنى من الإنسان وكل قائل بحسب ما ظهر له وقد وقع الإجماع بطلوع الفجر أنه يخرج وقت صلاة العشاء فالظاهر أن آخر الوقت إلى طلوع الفجر لمحل الإجماع والاتفاق على خروج الوقت بطلوع الفجر وبقولنا يقول ابن عباس إن آخر وقتها إلى طلوع الفجر ( فصل بل وصل في وقت صلاة الصبح ) اتفق الجميع على إن أول وقت الصبح طلوع الفجر وآخره طلوع الشمس واختلفوا في وقتها المختار فمن قائل إن الأسفار بها أفضل ومن قائل إن التغليس بها أفضل وبه أقول ( الاعتبار في الباطن في ذلك ) اعلم أنه من غلب على فهمه من قوله صلى الله عليه وسلم وقول الله تعالى في رؤية الله إن ذلك راجع إلى العلم والعقل لا إلى البصر وبه قال جماعة من العقلاء النظار من أهل السنة فهم بمنزلة من يرى التغليس ومن غلب على فهمه مما ورد في الشرع من الرؤية أن ذلك بالبصر وأنه لا يقدح في الجناب الإلهي وأن الجهة لا تقيد البصر وإنما تقيد الجارحة فهو بمنزلة من يرى الأسفار بصلاة الصبح بحيث أن يبقى لطلوع الشمس قدر ركعة أو يسلم مع ظهور حاجب الشمس والعجب من هذا أن الذي ذهب إلى أن الرؤية الواردة في الشرع محمولة على العلم لا على البصر يرى الأسفار بالصبح وأن الأكثر من الذين يرون أن الرؤية لواردة في الشرع يوم القيامة محمولة على البصر لا على العلم يرون التغليس بالصبح فهذا أحسن وجه في اعتبار هذا الوقت وأعمه وأعلاه وله اعتبارات غير هذا ولكن يجمعها كلها ما ذكرناه ولا يجمع تلك الاعتبارات التي تركناها حقيقة هذا الاعتبار الذي ذكرناه فلهذا اقتصرنا عليه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء السادس والثلاثون

396

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست