responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 343


من القرآن مثل كل آية لا يكون مدلولها إلا الله هذا أعني بذكر الله من القرآن وما كل آي القرآن يتضمن ذكر الله فإن فيه الأحكام المشروعة وفيه قصص الفراعنة وحكايات أقوالهم وكفرهم وإن كان فيه الأجر العظيم من حيث ما هو قرآن بالإصغاء إلى القارئ إذا قرأه أو بإصغاء الإنسان إلى نفسه إذا تلاه ولكن ذكر الله في القرآن أحسن وأتم من حكاية قول الكافر في الله ما لا ينبغي له في القرآن أيضا وأما ما أقبل من ظاهر الأذن وما أدبر فهو ما ظهر من حكم ذلك الذكر من القرآن وما بطن وما أسر منه وما أعلن وما فهم منه وما جهل فسلم كلمات المتشابه في حق الله إلى الله فهي مما أدبر من باطن الأذن فتسلم إلى مراد الله تعالى فيها حين تسمعها الأذن تتلى وما علم كالآيات المحكمات في حق الله وما تدل عليه من الأكوان فهي مما أقبل من ظاهر الأذن فيعلم مراد الله بها فيكون الحكم بحسب ما تعلق به العلم فاعمل بحسب ما أشرنا به إليك في هذا التفصيل والأولى أن يكون حكم الأذنين حكم المضمضة والاستنشاق والاستنثار ( باب غسل الرجلين ) اعلم أن صورتها في توقيت الغسل بالأعداد صورة الرأس وقد ذكرنا ذلك اتفق العلماء على أن الرجلين من أعضاء الوضوء واختلفوا في صورة طهارتها هل ذلك بالغسل أو بالمسح أو بالتخيير بينهما فأي شئ فعل منهما فقد سقط عنه الآخر وأدى الواجب هذا إذا لم يكن عليهما خف ومذهبنا التخيير والجمع أولى وما من قول إلا وبه قائل فالمسح بظاهر الكتاب والغسل بالسنة ومحتمل الآية بالعدول عن الظاهر منها ( وصل حكم الرجلين في الباطن وأما حكم ذلك في الباطن ) فاعلم أن السعي إلى الجماعات وكثرة الخطي إلى المساجد والثبات يوم الزحف مما تطهر به الاقدام فلتكن طهارتك رجليك بما ذكرناه وأمثاله ولا تمش بالنميمة بين الناس ولا تمش في الأرض مرحا واقصد في مشيك ومن هذا ما هو فرض أعني من هذه الأفعال بمنزلة المرة الواحدة في غسل عضو الوضوء الرجل وغيره ومنه ما هو سنة وهو ما زاد على الفرض وهو مشيك فيما ندبك الشرع إلى السعي فيه وما أوجبه عليك فالواجب عليك نقل الاقدام إلى مصلاك والمندوب والمستحب والسنة وما شئت فقل من ذلك مثل نقل الاقدام إلى المساجد من قرب وبعد فإن ذلك ليس بواجب وإن كان الواجب من ذلك عند بعض الناس مسجد إلا بعينه وجماعة لا بعينها فعلى هذا يكون غسل رجليك في الباطن من طريق المعنى واعلم أن الغسل يتضمن المسح بوجه فمن غسل فقد اندرج المسح فيه كاندراج نور الكواكب في نور الشمس ومن مسح فلم يغسل إلا في مذهب من يرى وينقل عن العرب إن المسح لغة في الغسل فيكون من الألفاظ المترادفة والصحيح في المعنى في حكم الباطن أن يستعمل المسح فيما يقتضي الخصوص من الأعمال والغسل فيما يقتضي العموم هذه هي الطريقة المثلى ولهذا ذهبنا إلى التخيير بحسب الوقت فإنه قد يكون يسعى إلى فضيلة خاصة في حاجة معينة لشخص بعينه فذلك بمنزلة المسح وقد يسعى إلى الملك في حاجة تعم جميع الرعايا وحاجات فيدخل ذلك الشخص في هذا العموم فهذا بمنزلة الغسل الذي اندرج فيه المسح ( بيان وإتمام ) وأما القراءة في قوله وأرجلكم بفتح اللام وكسرها من أجل حرف الواو على أن يكون عطفا على الممسوح بالخفض وعلى المغسول بالفتح فمذهبنا أن الفتح في اللام لا يخرجه عن الممسوح فإن هذه الواو قد تكون واو مع وواو المعية تنصب تقول قام زيد وعمرا واستوى الماء والخشبة وما أنت وقصعة من ثريد ومررت بزيد وعمرا تريد مع عمرو وكذلك من قرأ وامسحوا برءوسكم وأرجلكم بفتح اللام فحجة من يقول بالمسح في هذه الآية أقوى لأنه يشارك القائل بالغسل في الدلالة التي اعتبرها وهي فتح اللام ولم يشاركه من يقول بالغسل في خفض اللام فمن أصحابنا من يرجح الخاص على العام ومنهم من يرجح العام على الخاص كل ذلك مطلقا ومذهبنا نحن على غير ذلك إنما نمشي مع الحق بحكم الحال فنعمم حيث عمم ونخصص حيث خصص ولا نحدث حكما فإنه من أحدث حكما فقد أحدث في نفسه ربوبية ومن أحدث في نفسه ربوبية فقد انتقص من عبوديته بقدر تلك المسألة وإذا انتقص من عبودته بقدر ذلك ينقص من تجلى الحق له وإذا انتقص من تجلى الحق له انتقص علمه بربه وإذا انتقص علمه بربه جهل منه سبحانه وتعالى بقدر ما نقصه فإن ظهر لذلك الذي نقصه حكم في العالم أو في عالمه لم يعرفه فلهذا كان مذهبنا أن لا نحدث حكما جملة واحدة

343

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست