responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 340


حيث إمكانه فيجنح إلى ما يرتفق به ويميل إليه فمن رأى إدخال المرافق في غسله واجبا رأى أن الأسباب إنما وضعها الله حكمة منه في خلقه لما علم من ضعف يقينهم فيريد أن لا يعطل حكمة الله لا على طريق الاعتماد عليها فإن ذلك يقدح في اعتماده على الله ومن رأى أنه لا يوجبها في الغسل رأى سكون النفس إلى الأسباب أنه لا يخلص له مقام الاعتماد على الله حالا مع وجود رؤية الأسباب وكل من يقول إنها لا تجب يستحب إدخالها في الغسل كذلك رؤية الأسباب مستحبة عند الجميع وإن اختلفت أحكامهم فيها فإن الله ربط الحكمة بوجودها ( باب في مسح الرأس ) اتفق علماء الشريعة على إن مسحه من فرائض الوضوء واختلفوا في القدر الواجب منه فمن قائل بوجوب مسحه كله ومن قائل بوجوب مسح بعضه واختلفوا في حد البعض فمن قائل بوجوب الثلث ومن قائل بوجوب الثلثين ومن قائل بالربع ومن قائل لا حد للبعض وتكلم بعض هؤلاء في حد القدر الذي يمسح به من اليد فمن قائل إن مسحه بأقل من ثلاثة أصابع لم يجزه ومن قائل لا حد للبعض لا في الممسوح ولا فيما يمسح به وأصل هذا الخلاف وجود الباء في قوله تعالى برءوسكم ( وصل حكم المسح في الباطن ) فأما حكم مسح الرأس في الباطن اعتبارا فإن لرأس من الرياسة وهي العلو والارتفاع ومنه رئيس القوم أي سيدهم الذي له الرياسة عليهم ولما كان أعلى ما في البدن في ظاهر العين وجميع البدن تحته سمي رأسا إذ كان الرئيس فوق المرؤوس بالمرتبة وله جهة فوق وقد وصف الله نفسه بالفوقية لشرفها قال تعالى يخافون ربهم من فوقهم وقال وهو القاهر فوق عباده فكان الرأس أقرب عضو في البدن إلى الحق لمناسبة الفوق ثم له شرف آخر بالمعنى الذي رأس به على أجزاء البدن كلها وهو كونه محلا جامعا حاملا لجميع القوي كلها المحسوسة والمعقولة المعنوية فلما كانت له أيضا هذه الرياسة من هذه الجهة سمي رأسا ثم إن العقل الذي جعله الله أشرف ما في الإنسان جعل محله أعلى ما في الرأس وهو اليافوخ فجعله مما يلي جهة الفوقية ولما كان الرأس محلا لجميع القوي الظاهرة والباطنة ولكل قوة منها حكم وسلطان وفخر يورثه ذلك عزة على غيره كقصر الملك على سائر دور السوقة وجعله الله محال هذه القوي من الرأس مختلفة حتى عمت الرأس كله أعلاه ووسطه ومقدمه ومؤخره وكل قوة كما ذكرنا لها عزة وسلطان وكبرياء في نفسها ورياسة فوجب أن يمسحه كله وهو اعتبار من يقول بوجوب مسح الرأس كله لهذه الرياسة السارية فيه كله من جهة حمله لهذه القوي المختلفة الأماكن فيه بالتواضع والإقناع لله فيكون لكل قوة إذا عم المسح مسح مخصوص من مناسبة دعواها فيردعها بما يخصها من المسح فيعم بالمسح جميع الرأس ومن يرى أن للرأس رأسا عليه كما إن الولاة من جهة السلطان يرجع أمرهم إليه فإنه الذي ولاهم رأى كل وال أن فوقه وال عليه هو أعلى منه له سلطان على سلطانه كالقوة المصورة لها سلطان على القوة الخيالية فهي رئيسة عليها وإن كانت لها رياسة أعني القوة الخيالية فمن رأى هذا من العلماء قال بمسح بعض الرأس وهو التهمم بالأعلى ثم اختلف أصحابنا في هذا البعض فكل عارف قال بحسب ما أعطاه الله من الإدراك في مراتب هذه القوي فهو بحسب ما يراه ويعتبره فأخذ يمسح في هذه العبادة وهي التذلل وإزالة الكبرياء والشموخ بالتواضع والعبودية لأنه في طهارة العبادة يطلب الوصلة بربه لأن المصلي في مقام مناجاة ربه وهي الوصلة المطلوبة بالطهارة والعزيز الرئيس إذا دخل على من ولاة تلك العزة والرياسة نزل عن رياسته وذله عن عزه بعز من دخل عليه وهو سيده الذي أوجده فيقف بين يديه وقوف غيره من العبيد الذين أنزلوا نفوسهم بطلب الأجرة منزلة لا جانب فوقف هذا العبد في محل الإذلال لا بصفة الإدلال بالدال اليابسة فمن غلب على خاطره رياسة بعض القوي على غيرها وجب عليه مسح ذلك البعض من أجل الوصلة التي يطلبها بهذه العبادة ولهذا لم يشرع مسح الرأس في التيمم لأن وضع التراب على الرأس من علامة الفراق وهو المصيبة العظمى إذ كان الفاقد حبيبه بالموت يضع التراب على رأسه فلما كان المطلوب بهذه العبادة الوصلة لا الفرقة لهذا لم يشرع مسح الرأس في التيمم فامسح على حد ما ذكرناه لك ونبهناك عليه وتفصيل رياسات القوي معلوم عند الطائفة لا أحتاج إلى ذكره وأما التبعيض في اليد التي يمسح بها واختلافهم في ذلك فاعمل فيه كما تعمل في الممسوح سواء فإن المزيل لهذه الرياسة أسباب

340

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست