responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 339


فيه أعني في الحياء في مثل قوله لا يستحيي من الحق فما يتعين منه فهو فرض عليك وما لا يتعين عليك فهو سنة واستحباب فإن شئت فعلته وهو أولى وإن شئت لم تفعله فيراقب الإنسان أفعاله وترك أفعاله ظاهرا وباطنا ويراقب آثار ربه في قلبه فإن وجه قلبه هو المعتبر ووجه الإنسان وكل شئ حقيقته وذاته وعينه يقال وجه الشئ ووجه المسألة ووجه الحكم ويريد بهذا الوجه حقيقة المسمى وعينه وذاته قال تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة والوجوه التي هي في مقدم الإنسان ليست توصف بالظنون وإنما الظن لحقيقة الإنسان فالحياء خير كله والحياء من الايمان والحياء لا يأتي إلا بخير وأما البياض الذي بين العذار والأذن وهو الحد الفاصل بين الوجه والأذن فهو الحد بين ما كلف الإنسان من العمل في وجهه والعمل في سمعه فالعمل في ذلك إدخال الحد في المحدود فالأولى بالإنسان أن يصرف حياءه في سمعه كما صرفه في بصره فكما أنه من الحياء غض البصر عن محارم الله قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن باطن هاتين الآيتين خطاب النفس والعقل كذلك يلزمه الحياء من الله أن يسمع ما لا يحل له سماعه من غيبة وسوء قول من متكلم بما لا ينبغي ولا يحل له التلفظ به فإن ذلك البياض بين العذار والأذن وهو محل الشبهة وصورة الشبهة في ذلك أن يقول إنما أصغيت إليه لأرد عليه وعن الشخص الذي اغتيب وهذا من فقه النفس فقوله هذا هو من العذار فإنه من العذر أي الإنسان إذا عوتب في ذلك يعتذر بما ذكرناه وأمثاله ويقول إنما أصغيت لأحقق سماعي قوله حتى أنهاه عن ذلك على يقين فكنى عنه بالعذار ويكون فيمن لا عذار له موضع العذار فمن رأى وجوب ذلك عليه غسله بما قال تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله أي بين لهم الحسن من ذلك من القبيح وأولئك هم أولوا الألباب أي عقلوا ما أردنا وهو من لب الشئ المصون بالقشر ومن لم ير وجوب ذلك عليه إن شاء غسل وإن شاء ترك كمن يسمع ممن لا يقدر على رد الكلام في وجهه من ذي سلطان يخاف من تعديه عليه فإن قدر على القيام من مجلسه انصرف فذلك غسله إن شاء وإن ترجح عنده الجلوس لأمر يراه مظنونا عنده جلس ولم يبرح وهذا عند من لا يرى وجوب ذلك عليه وأما غسل ما انسدل من اللحية وتخليلها فهي الأمور العوارض فإن اللحية شئ يعرض في الوجه ما هي من الوجه ولا تؤخذ في حده مثل ما يعرض لك في ذاتك من المسائل الخارجة عن ذاتك فأنت فيها بحكم ذلك العارض فإن تعين عليك طهارة نفسك من ذلك العارض فهو اعتبار قول من يقول بوجوب غسل ذلك وإن لم يتعين عليك طهارته فطهرته استحبابا أو تركته لكونه ما تعين عليك ولكن هو نقص في الجملة فهذا قول من يقول ليس بواجب وهو مذهب الآخرين وقد بينا لك فيما تقدم من مثل هذا الباب أن حكم الباطن في هذه الأمور بخلاف حكم الظاهر فيما فيه وجه إلى الفرضية ووجه إلى السنة والاستحباب فالفرض لا بد من العمل به فعلا كان أو تركا وغير الفرض فيه إن تنزله في الامتثال منزلة الفرض وهو أولى فعلا وتركا وذلك سار في سائر العبادات ( باب في غسل اليدين والذراعين في الوضوء إلى المرافق ) أجمع العلماء بالشريعة على غسل اليدين والذراعين في الوضوء بالماء واختلفوا في إدخال المرافق في الغسل ومذهبنا الخروج إلى محل الإجماع في الفعل فإن الإجماع في الحكم لا يتصور فمن قائل بوجوب إدخالها في الغسل ومن قائل بترك الوجوب ولا خلاف عند القائلين بترك الوجوب في استحباب إدخالها في الغسل ( وصل حكم الباطن في ذلك ) أقول بعد تقرير حكم الظاهر الذي تعبدنا الله إن غسل اليدين والذراعين وهما المعصمان فغسل اليدين بالكرم والجود والسخاء والإيثار والهبات وأداء الأمانات وهو الذي لا يصح عنده الإيثار كما يغسلهما أيضا مع الذراعين بالاعتصام إلى المرافق بالتوكل والاعتضاد فإن المؤمن كثير بأخيه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غسل ذراعيه في الوضوء يجوز المرفقين حتى يشرع في العضد وإن هذا وأشباهه من نعوت اليدين والخلاف في حد اليدين أكثره إلى الآباط وأقله إلى الفصل الذي يسمى منه الذراع فبقي إدخال المرافق والمرافق في الباطن هي رؤية الأسباب التي يرتفق بها العبد وتأنس بها نفسه فإن الإنسان في أصل خلقه خلق هلوعا يخاف الفقر الذي تعطيه حقيقته من

339

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست