responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 337


عندنا إذا قلت أوجب أو فرض ثم نقول فالواجب إذا كانت اليد على شئ يحكم الشرع فيه عليها أنها غاصبة أو بكونه مسروقا أو بكونه وقعت فيه خيانة وكل ما لم يجوز لها الشارع أن تتصرف فيه والفروق في هذه الأحوال بينة فواجب طهارتها عن هذا كله وسيرد بما ذا تطهر في موضعه إن شاء الله فواجبة عليها هذه الطهارة وأما الطهارة المندوب إليها فهي ترك ما في اليد من الدنيا مما هو مباح له إمساكه فندبه الشرع إلى إخراجه عن يده رغبة فيما عند الله وذلك هو الزهد وهي تجارة فإن لها عوضا عند الله على ما تركته والترك أعلى من الإمساك وهذه مسألة إجماع في كل ملة ونحلة شرعا وعقلا فإن الناس مجمعون على أن الزهد في الدنيا وترك جمع حطامها والخروج عما بيده منها أولى عند كل عاقل هذا هو المندوب إليه في طهر اليد وهو السنة وأما المذهب في الاستحباب في طهارة اليد عند الشاك في طهارتها فهو الخروج عن المال الذي في يده لشبهة قامت له فيه قدحت في حله فليس له إمساكه وهذا هو الورع ما هو الزهد وإن كان له وجه إلى الحل فالمستحب تركه ولا بد فإن مراعاة الحرمة أولى فإنك في إمساكه مسؤول وفي تركه للشبهة التي قامت عندك فيه غير مسؤول بل أنت إلى المثوبة على ذلك أقرب وهذا في الطهارة المندوب إليها أولى والاستحباب في الترك للمباح أولى وأما اختلافهم في وجوب غسلها من النوم مطلقا وفيمن قيد ذلك بنوم الليل فاعلم أن الليل غيب لأنه محل الستر ولذلك جعل الليل لباسا والنهار شهادة لأنه محل الظهور والحركة ولذلك جعله معاشا لابتغاء الفضل يعني طلب الرزق هنا من وجهه فالفضل المبتغي فيه من الزيادة ومن الشرف وهو زيادة الفضائل فإنه يجمع ما ليس له برزق فهو فضول لأنه يجمعه لوارثه أو لغيره فإن رزق الإنسان ما هو ما يجمعه وإنما هو ما يتغذى به فاعلم أن النائم في عالم الغيب بلا شك وإذا كان النوم بالليل فهو غيب في غيب فيكون حكمه أقوى والنوم بالنهار غيب في شهادة فيكون حكمه أضعف ألا تراه جعل النوم سباتا فهو راحة بلا شك وهو بالليل أقوى فإنه فيه أشد استغراقا من نوم النهار والغيب أصل فالليل أصل والشهادة فرع فالنهار فرع وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فالنهار مسلوخ من الليل فالليل لما كان يستر الأشياء ولا يبين حقائق صورها للابصار أشبه الجهل فإن الجهل بالشئ لا يبين حكمه فمن جهل الشرع في شئ لم يعلم حكمه فيه ولما كان النائم في حال نومه لا يعلم شيئا من أمور الظاهر في عالم الشهادة في حق الناس كان النوم جهلا محضا إلا في حق من تنام عينه ولا ينام قلبه كرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله من ورثته في الحال ولما كان النهار يوضح الأشياء ويبين صور ذواتها ويظهر للمتقي ما يتقى من الأمور المضرة وما لا يتقيه أشبه العلم فإن العلم هو المبين حكم الشرع في الأشياء ولما كان النائم بالنهار متصفا بالجهل لأجل نومه لأن النوم من أضداد العلم ربما مد يده وهو لا علم له أو رجله فيفسد شيئا مما لو كان مستيقظا لم يتعرض إلى فساده أوجب عليه الشرع الطهارة بالمعلم من نوم الجهل إذا استيقظ فيعلم بيقظته حكم الشرع في ذلك فإنه ما كان يدري في حال نوم جهالته حيث جالت يده هل فيما أبيح له ملكه أو في ما لم يبح له ملكه كالمغصوب وأمثاله كما ذكرنا كما راعى المخالف قوله أين باتت يده واشتركا في النوم وإنما ذكر الشارع المبيت لأن غالب النوم فيه وهو أبدا يراعي الأغلب فجعل هذا الحكم في نوم الليل ومراعاة النوم أولى من مراعاة نوم الليل ويقول مراعي نوم الليل لذكر المبيت فإنه لما كان الإنسان إذا نام بالنهار قد يكون هناك إنسان أو جماعة إذا رأوا النائم يتحرك بيده أو برجله فتؤديه حركته تلك إلى كسر جرة أو غيرها أو صبي صغير رضيع تحصل يده على فمه فتؤذيه أو يمسك عنه خروج النفس فيموت وقد رأينا ذلك فيكون المستيقظ الحاضر يمنع من ذلك بإزالة الطفل القريب منه أو الجرة أو ما كان من أجل ضوء النهار الذي كشفه به ويقظته كذلك العالم مع الجاهل إذا رآه يتصرف بما لا علم له به بحكم الشرع فيه نبهه أو حال الشرع بينه وبين ذلك الفعل فوجب غسل اليد عندنا ولا بد باطنا على الغافل وهو النائم بالنهار الجاهل وهو النائم بالليل وأما اعتبارنا بالطهارة قبل إدخالها في الإناء فإنه بالعلم والعمل خوطبنا فالعلم الماء والعمل الغسل وبهما تحصل الطهارة فغسلها قبل إدخالها في إناء الوضوء هو ما يقرره في نفسه من القصد الجميل في ذلك الفعل إلى جناب الحق الذي فيه سعادته عند الشروع في الفعل على التفصيل فهذا معنى غسل اليد قبل إدخالها في إناء الوضوء في طهارة الباطن ( وصل ) المضمضة والاستنشاق اختلف علماء الشريعة فيهما على ثلاثة أقوال فمن قائل إنهما سنتان ومن

337

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست