responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 334


الإجماع في الدلالة على الحكم المشروع مقام النص من الكتاب أو السنة المتواترة التي تفيد العلم فهذا يكون استجمارك في هذه الطهارة ثم مضمض بالذكر الحسن لتزيل به الذكر القبيح من النميمة والغيبة والجهر بالسوء من القول فلتكن مضمضتك بالتلاوة وذكر الله وإصلاح ذات البين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول وقال مشاء بنميم وقال لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس وما أشبه ذلك فهذه طهارة فيك وقد فتحت لك الباب فاجر في وضوئك وغسلك وتيممك في أعضائك على هذا الأسلوب فهو الذي طلبه الحق منك وقد استوفينا الكلام على هذه الطهارة في التنزلات الموصلية فانظرها هنالك نثرا ونظما وقد رميت بك على الطريق ولتصرف هذه الطهارة بكمالها في كل مكلف منك فإن كل مكلف منك مأمور بجميع العبادات كلها من طهور وصلاة وزكاة وصيام وحج وجهاد وغير ذلك من الأعمال المشروعة وكل مكلف فيك تصرفه في هذه العبادات بحسب ما تطلبه حقيقته لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها وقد أعطى كل شئ خلقه ثم هدى أي بين كيف تستعمله فيها وهم ثمانية أصناف لا يزيدون لكن قد ينقصون في بعض الأشخاص وهم العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب لا زائد في الإنسان عليهم لكن قد ينقصون في بعض أشخاص هذا النوع الإنساني كالأكمه والأخرس والأصم وأصحاب العاهات فمن بقي من هؤلاء المكلفين منك فالخطاب يترتب عليه ومن خطاب الشارع تعلم جميع ما يتعلق بكل عضو من هؤلاء الأعضاء من لتكاليف وهم كالآلة للنفس المخاطبة المكلفة بتدبير هذا البدن وأنت المسؤول عنهم في إقامة العدل فيهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انقطع شسع نعله خلع الأخرى حتى يعدل بين رجليه ولا يمشي في نعل واحد وقد بيناها بكمالها وما لها من الأنوار والكرامات والمنازل والأسرار والتجليات في كتابنا المسمى مواقع النجوم ما سبقنا في علمنا في هذا الطريق إلى ترتيبه أصلا وقيدته في أحد عشر يوما في شهر رمضان بمدينة المرية سنة خمس وتسعين وخمسمائة يغني عن الأستاذ بل الأستاذ محتاج إليه فإن الأستاذين فيهم العالي والأعلى وهذا الكتاب على أعلى مقام يكون الأستاذ عليه ليس وراءه مقام في هذه الشريعة التي تعبدنا بها فمن حصل لديه فليعتمد بتوفيق الله عليه فإنه عظيم المنفعة وما جعلني أن أعرفك بمنزلته إلا أني رأيت الحق في النوم مرتين وهو يقول لي أنصح عبادي وهذا من أكبر نصيحة نصحتك بها والله الموفق وبيده الهداية وليس لنا من الأمر شئ ولقد صدق الكذوب إبليس رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اجتمع به فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عندك فقال إبليس لتعلم يا رسول الله أن الله خلقك للهداية وما بيدك من الهداية شئ وإن الله خلقني للغواية وما بيدي من الغواية شئ لم يزده على ذلك وانصرف وحالت الملائكة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وصل ) وبعد أن نبهتك على ما نبهتك عليه مما تقع لك به الفائدة فاعلم أن الله خاطب الإنسان بجملته وما خص ظاهره من باطنه ولا باطنه من ظاهره فتوفرت دواعي الناس أكثرهم إلى معرفة أحكام الشرع في ظواهرهم وغفلوا عن الأحكام المشروعة في بواطنهم إلا القليل وهم أهل طريق الله فإنهم بحثوا في ذلك ظاهرا وباطنا فما من حكم قرروه شرعا في ظواهرهم إلا ورأوا أن ذلك الحكم له نسبة إلى بواطنهم أخذوا على ذلك جميع أحكام الشرائع فعبدوا الله بما شرع لهم ظاهرا وباطنا ففازوا حين خسر الأكثرون ونبغت طائفة ثالثة ضلت وأضلت فأخذت الأحكام الشرعية وصرفتها في بواطنهم وما تركت من حكم الشريعة في الظواهر شيئا تسمى الباطنية وهم في ذلك على مذاهب مختلفة وقد ذكر الإمام أبو حامد في كتاب المستظهري له في الرد عليهم شيئا من مذاهبهم وبين خطأهم فيها والسعادة إنما هي مع أهل الظاهر وهم في الطرف والنقيض من أهل الباطن والسعادة كل السعادة مع الطائفة التي جمعت بين الظاهر والباطن وهم العلماء بالله وبأحكامه وكان في نفسي إن أخر الله في عمري أن أضع كتابا كبيرا أقرر فيه مسائل الشرع كلها كما وردت في أماكنها الظاهرة وأقررها فإذا استوفينا المسألة المشروعة في ظاهر الحكم جعلنا إلى جانبها حكمها في باطن الإنسان فيسري حكم الشرع في الظاهر والباطن فإن أهل طريق الله وإن كان هذا غرضهم ومقصدهم ولكن ما كل أحد منهم يفتح الله له في الفهم حتى يعرف ميزان ذلك الحكم في باطنه فقصدنا في هذا الكتاب إلى الأمر العام من العبادات وهي الطهارة والصلاة

334

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست