responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 285


الصواب ثم إنهم أكدوا ذلك بقولهم ما ذكرناه عنهم إن صفاته لا هي هو ولا هي غيره وحدوا الغيرين بحد يمنعه غيرهم وإذا سألتهم هل هي أمر زائد اعترفوا بأنها أمر زائد وهذا هو عين الاستقراء فلهذا قلنا إن الاستقراء في العلم بالله لا يصح وإن الاستقراء على الحقيقة لا يفيد علما وإنما أثبتناه في مكارم الأخلاق شرعا وعرفا لا عقلا فإن العقل يدل عليه سبحانه إنه فعال لما يريد لا يقاس بالمخلوق ولا يقاس المخلوق عليه وإنما الأدلة الشرعية أتت بأمور تقرر عندنا منها إنه يعامل عباده بالإحسان وعلى قدر ظنهم به قال تعالى وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون في الطرفين للوازم قررها الشارع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن النائم عن الصلاة إذا استيقظ أو الناسي إذا تذكر وقد خرج وقت الصلاة فيصليها هل يثبتها دائما في كل يوم في ذلك الوقت فلما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان الله لينهاكم عن الربا ويأخذه منكم فبين أنه سبحانه ما يحمد خلقا من مكارم الأخلاق إلا والحق تعالى أولى به بأن يعامل به خلقه ولا يذم شيئا من سفساف الأخلاق إلا وكان الجناب الإلهي أبعد منه ففي مثل هذا الفن يسوع الاستقراء بهذه الدلالات الشرعية وأما غير ذلك فلا يكون فقد أبنت لك صحة الاستقراء من سقمه في المعاملات وأما الاستقراء في التجليات فرأينا إن الهيولى الصناعية تقبل بعض الصور لا كلها فوجدنا الخشب يقبل صورة الكرسي والمنبر والتخت والباب ولم نره يقبل صورة القميص ولا الرداء ولا السراويل ورأينا الشقة تقبل ذلك ولا تقبل صورة السكين والسيف ثم رأينا الماء يقبل صورة لون الأوعية وما يتجلى فيها من المتلونات فيتصف بالزرقة والبياض والحمرة سئل الجنيد رحمه الله عن المعرفة والعارف فقال لون الماء لون إنائه ثم استقر أنا عالم الأركان كلها والأفلاك فوجدنا كل ركن منها وكل فلك يقبل صورا مخصوصة وبعضها أكثر قبولا من بعض ثم نظرنا في الهيولى الكل فوجدناها تقبل جميع صور الأجسام والأشكال فنظرنا في الأمور فرأيناها كلما لطفت قبلت الصور الكثيرة فنظرنا في الأرواح فوجدناها أقبل للتشكل في الصور من سائر ما ذكرناه ثم نظرنا في الخيال فوجدناه يقبل ما له صورة ويصور ما ليست له صورة فكان أوسع من الأرواح في التنوع في الصور ثم جئنا إلى الغيب في التجليات فوجدنا الأمر أوسع مما ذكرناه ورأيناه قد جعل ذلك أسماء كل اسم منها يقبل صورا لا نهاية لها في التجليات وعلمنا إن الحق وراء ذلك كله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير فجاء في عدم الإدراك بالاسم اللطيف إذ كانت اللطافة مما ينبو الحس عن إدراكها فتعقل ولا تشهد فتسمى في وصفه الذي تنزه أن يدرك فيه باللطيف الخبير أي تلطف عن إدراك المحدثات ومع هذا فإنه يعلم ويعقل أن ثم أمرا يستند إليه فأتى بالاسم الخبير على وزن فعيل وفعيل يرد بمعنى المفعول كقتيل بمعنى مقتول وجريح بمعنى مجروح وهو المراد هنا والأوجه وقد يرد بمعنى الفاعل كعليم بمعنى عالم وقد يكون أيضا هو المراد هنا ولكنه يبعد فإن دلالة مساق الآية لا تعطي ذلك فإن مساقها في إدراك الأبصار لا في إدراك البصائر فإن الله قد ندبنا إلى التوصل بالعلم به فقال فاعلم أنه لا إله إلا الله ولا يعلم حتى ننظر في الأدلة فيؤدينا النظر فيها إلى العلم به على قدر ما تعطينا القوة في ذلك فلهذا رجحنا خبير هنا بمعنى المفعول أي أن الله يعلم ويعقل ولا تدركه الأبصار فهذا القدر مما يتعلق بهذا الباب من الاستقراء وأما كونه لا يفيد العلم في هذا الموطن فإنه ما من أصل ذكرناه يقبل صورا ما إلا يجوز بل يقع وقد وقع أنه يتكرر في تلك الصور مراتب عديدة وهذا قد ورد في الأخبار أن جبريل عليه السلام نزل مرارا على صورة دحية الكلبي ولما لم يصح عندنا في التجلي الإلهي أن يتكرر تجل إلهي لشخص واحد مرتين ولا يظهر في صورة واحدة لشخصين علمنا إن الاستقراء لا يفيد علما فإن جناب التجلي لا يقبل التكرار فخرج عن حكم الاستقراء من وجه عدم التكرار ولحق به من حيث التحول في الصور وقد ورد التحول في حديث مسلم في حديث الشفاعة من كتاب الايمان فلا يعول على الاستقراء في شئ من الأشياء لا في الأحوال ولا في المقامات ولا في المنازل ولا في المنازلات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب السابع والخمسون في معرفة تحصيل علم الإلهام بنوع ما من أنواع الاستدلال ومعرفة النفس ) لا تحكمن بإلهام تجده فقد * يكون في غير ما يرضاه واهبه

285

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 285
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست