responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 270


سبحانه في كتابه بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة إذ كانت السور تحوي على أمور مخوفة تطلب أسماء العظمة والاقتدار فقدم أسماء الرحمة تأنيسا وبشرى ولهذا قالوا في سورة التوبة إنها والأنفال سورة واحدة حيث لم يفصل بينهما بالبسملة وفي ذلك خلاف منقول بين علماء هذا الشأن من الصحابة ولما علم الله تعالى ما يجري من الخلاف في هذه الأمة في حذف البسملة من سورة براءة فمن ذهب إلى أنها سورة مستقلة وكان القرآن عنده مائة وثلاث عشرة سورة فيحتاج إلى مائة وثلاث عشرة بسملة أظهر لهم في سورة النمل بسملة ليكمل العدد وجاء بها كما جاء بها في أوائل السور بعينها فإن لغة سليمان عليه السلام لم تكن عربية وإنما كانت أخرى فما كتب لغة هذا اللفظ في كتابه وإنما كتب لفظة بلغته تقتضي معناها باللسان العربي إذا عبر عنها بسم الله الرحمن الرحيم وأتى بها محذوفة الألف كما جاءت في أوائل السور ليعلم أن المقصود بها هو المقصود بها في أوائل السور ولم يعمل ذلك في باسم الله مجراها واقرأ باسم ربك فأثبت الألف هناك ليفرق ما بين اسم البسملة وغيرها ولهذا تتضمن سورة التوبة من صفات الرحمة والتنزل الإلهي كثيرا فإن فيها شراء الله نفوس المؤمنين منهم بأن لهم الجنة وأي تنزل أعظم من أن يشتري السيد ملكه من عبده وهل يكون في الرحمة أبلغ من هذا فلا بد أن تكون التوبة والأنفال سورة واحدة أو تكون بسملة النمل السليمانية لسورة التوبة ثم انظر في اسمها سورة التوبة والتوبة تطلب الرحمة ما تطلب التبري وإن ابتدأ عز وجل بالتبري فقد ختم بآية لم يأت بها ولا وجدت إلا عند من جعل الله شهادته شهادة رجلين فإن كنت تعقل علمت ما في هذه السورة من الرحمة المدرجة ولا سيما في قوله تعالى ومنهم ومنهم وذلك كله رحمة بنا لنحذر الوقوع فيه والاتصاف بتلك الصفات فإن القرآن علينا نزل فلم تتضمن سورة من القرآن في حقنا رحمة أعظم من هذه السورة لأنه كثر من الأمور التي ينبغي أن يتقيها المؤمن ويجتنبها فلو لم يعرفنا الحق تعالى بها ربما وقعنا فيها ولا نشعر فهي سورة رحمة للمؤمنين وإذ وقد عرفناك بمنازله فاعلم أن رجاله هم كل من كان حاله من أهل الله حال من أحاطت به الأسماء الجبروتية من جميع عالمه العلوي والسفلي فيقع منه اللجأ والتضرع إلى أسماء الرحمة فيتجلى له الاسم الرحمن الذي له الأسماء الحسنى والذي به على العرش استوى فيهبه الاقتدار الإلهي فيمحو به آثار الأسماء القهرية فيتسع له المجال فينشرح الصدر ويجري النفس ويسرى فيه روح الحياة وتأتي إليه وفود الأسماء الرحمانية والحقائق الإلهية بالتهاني والبشائر فمن كانت هذه حالته ويعرفها ذوقا من نفسه وهو من رجال هذا المقام فلا يغالط نفسه وكل إنسان أعلم بحاله ولا ينفعك أن تنزل نفسك عند الناس منزلة ليست لك في نفس الأمر وقد نصحتك وأبنت لك عن طريق القوم فلا تكن من الجاهلين بما عرفناك به واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فإن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ( الباب الخمسون في معرفة رجال الحيرة والعجز ) من قال يعلم أن الله خالقه * ولم يحركان برهانا بأن جهلا لا يعلم الله إلا الله فانتبهوا * فليس حاضركم مثل الذي غفلا العجز عن درك الإدراك معرفة * كذا هو الحكم فيه عند من عقلا هو الإله فلا تحصى محامده * هو النزيه فلا تضرب له مثلا اعلم أيدك الله بروح منه أن سبب الحيرة في علمنا بالله طلبنا معرفة ذاته جل وتعالى بأحد الطريقين إما بطريق الأدلة العقلية وإما بطريق تسمى المشاهدة فالدليل العقلي يمنع من المشاهدة والدليل السمعي قد أومأ إليها وما صرح والدليل العقلي قد منع من إدراك حقيقة ذاته من طريق الصفة الثبوتية النفسية التي هو سبحانه في نفسه عليها وما أدرك العقل بنظره إلا صفات السلوب لا غير وسمي هذا معرفة والشارع قد نسب إلى نفسه أمورا وصف نفسه بها تحيلها الأدلة العقلية إلا بتأويل بعيد يمكن أن يكون مقصودا للشارع ويمكن أن لا يكون وقد لزمه الايمان والتصديق بما وصف به نفسه لقيام الأدلة عنده بصدق هذه الأخبار عنه إنه أخبر بها عن نفسه في كتبه أو على ألسنة رسله فتعارض هذه الأمور

270

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست