responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 217


فعرف بنزوله مقادير الأشياء وأوزانها وعرف بقدره منها كما نزل الرب تعالى في الثلث الباقي من الليل فالليل محل النزول الزماني للحق وصفته التي هي القرآن وكان الثلث الباقي من الليل في نزول الرب غيب محمد صلى الله عليه وسلم وغيب هذا النوع الإنساني فإن الغيب ستر والليل ستر وسمي هذا الباقي من الليل الثلث لأن هذه النشأة الإنسانية لها البقاء دائما في دار الخلود فإن الثلثين الأولين ذهبا بوجود الثلث الباقي أو الآخر من الليل فيه نزل الحق فأوجب له البقاء أيضا وهو ليل لا يعقبه صباح أبدا فلا يذهب لكن ينتقل من حال إلى حال ومن دار إلى دار كما ينتقل الليل من مكان إلى مكان أمام الشمس وإنما يفر أمامها لئلا تذهب عينه إذ كان النور ينافي الظلمة وتنافيه غير أن سلطان النور أقوى فالنور ينفر الظلمة والظلمة لا تنفر النور وإنما هو النور ينتقل فتظهر الظلمة في الموضع الذي لا عين للنور فيه ألا ترى الحق تسمى بالنور ولم يتسم بالظلمة إذ كان النور وجودا والظلمة عدما وإذ كان النور لا تغالبه الظلمة بل النور الغالب كذلك الحق لا يغالبه الخلق بل الحق الغالب فسمى نفسه نورا فتذهب السماء وهو الثلث الأول من الليل وتذهب الأرض وهو الثلث الثاني من الليل ويبقى الإنسان في الدار الآخرة أبد الآبدين إلى غير نهاية وهو الثلث الباقي من الليل وهو الولد عن هذين الأبوين السماء والأرض فنزل القرآن في الليلة المباركة في الثلث الآخر منها وهو الإنسان الكامل ففرق فيه كل أمر حكيم فتميز عن أبويه بالبقاء نزل به الروح الأمين على قلبك هو محمد صلى الله عليه وسلم ألا ترى الشارع كيف قال في ولد الزنا إنه شر الثلاثة وكذلك ولد الحلال خير الثلاثة من هذا الوجه خاصة فإن الماء الذي خلق منه الولد من الرجل والمرأة أراد الخروج وهو الماء الذي تكون منه الولد وهو الأمر الثالث فحرك لما أراد الخروج الأبوين للنكاح ليخرج وكان تحريكه لهما على غير وجه مرضي شرعا يسمى سفاحا فقيل فيه إنه شر الثلاثة أي هو سبب الحركة التي بها انطلق عليهم اسم الشر فجعله ثلاثة أثلاث الأبوان ثلثان والولد ثالث كذلك قسم الليل على ثلاثة أثلاث ثلثان ذاهبان وهما السماء والأرض وثلث باق وهو الإنسان وفيه ظهرت صورة الرحمن وفيه نزل القرآن وإنما سميت السماء والأرض ليلا لأن الظلمة لها من ذاتها والإضاءة فيها من غيرها من الأجسام المستنيرة التي هي الشمس وأمثالها فإذا زالت الشمس أظلمت السماء والأرض فهذا يا أخي قد استفدت علوما لم تكن تعرفها قبل هذا وهي علوم هذا الشخص المحقق بمنزل الأنفاس وكل ما أدركه هذا الشخص فإنما أدركه من الروائح بالقوة الشمية لا غير وقد رأينا منهم جماعة بإشبيلية وبمكة وبالبيت المقدس وفاوضناهم في ذلك مفاوضة حال لا مفاوضة نطق كما أني فاوضت طائفة أخرى من أصحاب النظر البصري بالبصر فكنت أسأل وأجاب ونسأل ونجيب بمجرد النظر ليس بيننا كلام معتاد ولا اصطلاح بالنظر أصلا لكن كنت إذا نظرت إليه علمت جميع ما يريده مني وإذا نظر إلى علم جميع ما نريده منه فيكون نظره إلي سؤالا أو جوابا ونظري إليه كذلك فنحصل علوما جمة بيننا من غير كلام ويكفي هذا القدر من بعض علم هذا الشخص فإن علومه كثيرة أحطنا بها فمن أراد أن يعرف مما ذكرناه شيئا فليعلم الفرق بين في في قوله كان في عماء وبين استوى في قوله الرحمن على العرش استوى ولم يقل في كما قال في السماء وفي الليل ويتبين لك في كل ما ذكرناه مقام جمع الجمع ومقام الجمع ومقام التفرقة ومقام تمييز المراتب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى الجزء التاسع عشر ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( الباب الخامس والثلاثون في معرفة هذا الشخص المحقق في منزل الأنفاس وأسراره بعد موته رضي الله عنه ) العبد من كان في حال الحياة به * كحاله بعد موت الجسم والروح والعبد من كان في حال الحجاب به * نورا كإشراق ذات الأرض من يوح فحالة الموت لا دعوى تصاحبها * كما الحياة لها الدعوى بتصريح في حق قوم وفي قوم تكون لهم * تلك الدعاوي بإيماء وتلويح فإن فهمت الذي قلناه قمت به * وزنا تنزه عن نقص وترجيح

217

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست