نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 92
قابلة للإثبات للآخرين ، فمثلاً الحقيقة التي يصل إليها الإنسان من خلال الكشف والوحي والرؤيا والحدس ونحوها لا يمكن إيصالها للآخرين ، فمسّت الحاجة إلى اتّباع منهج يمكن من خلاله إثبات تلك الحقائق . ومن الواضح أنّ النتائج المترتّبة على البحث الثاني هي التي تقوم بدور تجميع معطيات الجهد البشري ، فيقع عليها النقض والإبرام . ومن خلال هذا - البحث الثاني - تتكامل العلوم والفلسفات ، وتتكوّن منهما الحضارات والمدنيّات الإنسانيّة على مسرح التاريخ ، وإلاّ لو توقّف الجهد العلمي للإنسان على البحث الأوّل لما استطاعت الأفكار أن تتلاقح فيما بينها لتنتهي إلى نتائج أكمل وأفضل ; لأنّ المفروض أنّ كثيراً من معطيات البحث الأوّل لا يمكن إثباتها للآخرين ، على هذا الأساس قد تختلف المدارس بعضها عن بعض في البحث الأوّل - وأعني به الطريق الموصل لتكوين رؤية كونيّة في المسائل الأساسيّة المطروحة أمام الإنسان - ولكن هذا لا يعني أنّ الأسلوب الذي تتّبعه هذه المدارس للحوار العلمي فيما بينها يختلف أيضاً ، بل قد تكون متّفقة في الأسلوب الذي تتّبعه في البحث الثاني ، وأعني به المنهج المتّبع لإيصال الحقائق إلى الآخرين . فمثلاً نجد أنّ الأسلوب الذي يعتمد من حيث الهيئة والصورة القياس الأرسطي ، ومن حيث المادّة والمحتوى اليقينيّات الأرسطيّة - وهو القياس البرهاني المنتج للنتيجة اليقينيّة من بين الأقيسة - قد تتّفق مجموعة من المدارس الفكريّة لاتّباعه في البحث الثاني وإن كانت
92
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 92