نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 230
إلى الخلق ، وهنا تبدأ وظيفة الإنسان ووظيفة العالِم ، ووظيفة العارف ، وهو أن يسافر بما وصل إليه وحصل عليه ليبلّغه إلى الناس ، وفرق هذا السفر عن السفر الأوّل ، أنّ الأوّل كان سفراً من الخلق إلى الحقّ ولم يكن بالحقّ ، ولكنّ السفر الثالث هو من الحقّ إلى الخلق ولكن بالحقّ . وهذه الباء يسمّونها باء المصاحبة ، أي بمصاحبة الحقّ سبحانه وتعالى ، ثمّ بعد ذلك يبدأ سفره الرابع وهو السفر من الخلق إلى الخلق ولكن أيضاً بالحقّ ، أي بمصاحبة الحقّ ، وهذه هي وظيفة الرسالة والتبليغ . فعندما نقول « إنسان مرسل من قبل الله تعالى » فهذا يعني أنّه طوى هذه المراحل الثلاث عنده بمسؤوليّة جديدة وهي السفر من الخلق إلى الخلق بأن يوصل الناس إلى الهداية ، ويوصلهم إلى القُرب الإلهي . وهذه هي الأسفار التي يمرّ بها العارف . وبهذا يتّضح لدينا بأنّ العارف لا يكون عارفاً حقيقيّاً بالعزلة وعدم القيام بتكاليفه الاجتماعيّة ، وبعدم الالتزام بأحكام الشريعة . وإنّما يكون العارف عارفاً حقّاً إذا قام بأعمال الشريعة والطريقة والحقيقة ، وبتعبير الإمام علي عليه السلام عندما وصف رسول الله صلّى الله عليه وآله بأنّه « طبيب دوّار بطبّه . . » فهو يبحث عن المرضى ليشافيهم ، أو كما وصفت الآية الكريمة القرآن بأنّه شفاء : * ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ ) * [1] . فالقرآن الكريم هو الشفاء ، والشافي هو رسول الله صلّى الله عليه وآله