نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 207
نعم ، يبقى أن نقول بأنّ العرفان النظري يقوم بدور أساسيّ في هذا المجال حيث يسعى العارف من خلاله إلى العلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته . . وهذه المعرفة الحقيقيّة تنتج سيراً وسلوكاً نحو التوحيد الحقيقي . وهناك ما يشبه تبادلاً للأدوار ما بين قسمي العرفان لتحصيل الهدف ، فالعرفان العملي - الذي هو السير والسلوك - يولّد المعرفة بالله وحقيقة الوجود ، وكذلك المعرفة والعلم والتي هي العرفان النظري تشكّل حافزاً مهمّاً للسير والسلوك إلى الله تعالى . والنتيجة أنّ العرفان النظري والعملي هما معاً أعمدة الوصول نحو هدف العارف الحقيقي . ويعتبر الإمام الخميني أنّ الهدف الذي يسعى إليه العرفان أمر فطريّ في داخل الإنسان : « إنّ في الإنسان - إن لم نقل في كلّ موجود - حبّاً فطريّاً للكمال المطلق وللوصول إلى الكمال المطلق ، وهذا الحبّ ممّا يستحيل أن يفارق الإنسان تماماً . . فالكمال المطلق هو الحقّ جلّ وعلا والجميع يبحثون عنه ، وإليه تهفو قلوبهم ولا يعلمون » [1] . وإذا ما وصل الإنسان إلى الهدف فعندئذ تسكن نفسه وتطمئن روحه : « وعليه فإنّ ما يُطمئنُ النفس المنفلتة ويهدّئ من لهيبها ويحدّ من إلحاحها واستزادتها في الطلب ، إنّما هو الوصول إليه تعالى » ( 1 ) . وعليه فإنّ العرفان هدفه الأساس الوصول بالإنسان إلى أرقى مراتب الكمال الإنساني لأنّنا : « مفطورون على العشق للكمال المطلق ، ومن هذا العشق - شئنا أم أبينا - ينشأ العشق لمطلق الكمال الذي