نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 128
الوجوديّة التي تخضع عندها قوّة العقل ، لا لمنافاتها ومخالفتها لتلك الحقائق . إذن يجب أن نحصّل أصولاً تقوى على كشف الأطوار المستقرّة فوق الطور العقلي ، وليست هذه الأصول إلاّ أُسس المكاشفة وقواعد الشهود ، أعني الأُسس والقواعد التي أنتجها الاتّصال بسرّ الوجود مباشرةً - كما يقول علم العرفان - ثمّ إذا تحصّلت هذه الأسس والقواعد إمّا بالكشف المباشر والشهود المتّصل بالغيب وإمّا بالإيمان بمن يدّعي ذلك ، فللباحث عن العرفان أن يستخرج المسائل عن تلك الأُسس استخراجاً مبنيّاً على أصول العقل وضوابطه . فأصول العقل بدلاً من أن تلعب دور التأسيس للمسائل وتتلقّى بمثابة البنيات الأساسيّة للقضايا ، بدلاً عن ذلك تلعب هنا - أي في طور العرفان - دور التنظيم والاستخراج ، كالدور الذي تلعبه قواعد المنطق في الفلسفة وسائر العلوم الاستدلاليّة » [1] . وأمّا الفرق بين الحكمة المتعالية والمدرسة العرفانيّة فقد اتّضح أيضاً ; لأنّ الحكمة المتعالية تعطي دوراً أساسيّاً للاستدلال العقلي في مجال اكتشاف الحقائق الوجوديّة ، إلاّ أنّها لا تعتقد أنّ العقل قادر على نيل كلّ الحقائق من خلال المنهج العقلاني وإنّما تسمح له في حدود معيّنة وترفض قدرته على ما وراء ذلك ، بخلاف ما وجدناه في بعض النصوص التي أشرنا إليها في المدرسة العرفانيّة التي أنكرت أن يكون للعقل أيّ دور في مجال الكشف عن حقائق الوجود والنظام الذي يحكمه .