فقال جمع الاسرار بما ليس منه بد وقهرها فيه إذ لا شبه له ولا ضد وقال غيره جمعهم به حين وصلهم بالقصور عنه وفرقهم عنه حين طلبوه بما منهم فسنح التشتيت لارتياده بالأسباب وحصل الجمع حين شاهدوه في كل باب قالتفرقة التي عبر عنها هي التي قبل الجمع معناه أن التقرب إليه بالأعمال تفرقه وإذا شاهدوه مقربا لهم فهو الجمع أنشدونا لبعض الكبار : الجمع أفقدهم من حيث هم قدما * والفرق أوجدهم حينا بلا أثر فاتت نفوسهم والفوت فقدهم * في شاهد جمعوا فيه عن البشر وجمعهم عن نعوت الرسم محوهم * عما يؤثره التلوين بالغير والحين حال تلاشت في قديمهم * عن شاهد الجمع إضمار بلا صور حتى توافي لهم في الفرق ما عطفت * عليهم منه حين الوقت في الحضر فالجمع غيبتهم والفرق حضرتهم * والوجد والفقد في هذين بالنظر معنى قوله الجمع أفقدهم من حيث هم أي علمهم بوجودهم للحق في علمه بهم أفقدهم من الحين الذي صاروا موجودين له فجعل الجمع حالة العدم حيث لم يكن إلا علم الحق بهم والفرق حالة ما أخرجهم من العدم إلى الوجود قوله فاتت نفوسهم أي رأوها حين الوجود كما كانوا إذ هم فقود لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يتغير علم الله فيهم وجمعهم هو أن يمحوهم عن نعوت الرسم وهي أفعالهم وأوصافهم في أنها لا تؤثر أثر تلوين وتغيير بل تكون على ما علم الله جل وعز وقدر وحكم فتلاشت حالهم حين وجودهم في قديم العلم إذ كانوا معدمين لا موجودين مصورين وإذا أوجدهم أجرى عليهم ما سبق لهم منه فالجمع أن يغيبوا عن حضورهم وشهودهم إياهم متصرفين والفرق أن يشهدوا أحوالهم وأفعالهم