ومنه حديث أبي طيبة حين حجم النبي صلى الله عليه وسلم فشرب دمه وذلك محظور في الشريعة ولكن فعله في حال الغلبة فعذره النبي صلى الله عليه وسلم وقال لقد احتظرت بحظائر من النار فهذه كلها وأمثالها كثيرة تدل على أن حالة الغلبة حالة صحيحة ويجوز فيها ما لا يجوز في حال السكون ويكون الساكن فيها بما هو أرفع منه في الحال أمكن وأتم حالة كما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه . الباب الخامس والخمسون ( قولهم في السكر ) وهو أن يغيب عن تمييز الأشياء ولا يغيب عن الأشياء وهو أن لا يميز بين مرافقة وملاذه وبين أضدادها في مرافقة الحق فإن غلبات وجود تسقطه عن المييز بين ما يؤلمه ويلذه كما روي في بعض الروايات في حديث حارثة أنه قال استوى عندي حجرها ومدرها وذهبها وفضتها وكما قال عبد الله بن مسعود ما أبالي على أي الحالين وقعت على غنى أو فقر إن كان فقرا فإن فيه الصبر وإن كان غنى فإن فيه الشكر ذهب عنه التمييز بين الأرفق وضده وغلب عليه رؤية ما للحق من الصبر والشكر وأنشد بعضهم : قد استولى على قلبي هواك * ومالي في فؤادي من سواك فلو قطعتني في الحب إربا * لما حن الفؤاد إلى سواك