ويكون مأخوذا عن تمييز ما يستقبله فربما خرج إلى بعض ما ينكر عليه من لم يعرف حاله ويرجع على نفسه صاحبه إذا سكنت غلبات ما يجده ويكون الذي غلب عليه خوف أو هيبة أو إجلال أو حياء أو بعض هذه الأحوال كما جاء في الحديث عن أبي لبابة بن عبد المنذر حين إستشاره بنو قريظة لما استنزلهم النبي صلى الله عليه وسلم على حكم سعد بن معاذ فأشار بيده إلى حلقة أنه ذبح ثم ندم على ذلك وعلم أنه قد خان الله ورسوله فانطلق على وجهه حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت فهذا لما غلب عليه الخوف من الله عز وجل حال بينه وبين أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هو الواجب عليه لقول الله عز وجل « ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول » الآية وليس في الشريعة ارتباط بالسواري والعمد وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما أن استبطاه أما لو جاءني لاستغفرت له فأما إذ فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه فلما علم الله صدقه وأن ذلك صدر عنه لغلبة الخوف عليه غفر له فأنزل الله توبته فأطلقه النبي صلى الله عليه وسلم فأبو لبابة رضي الله عنه لما أن غلب عليه الخوف لم يمكنه ملاحظة السبب وهو استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى « ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم » الآية ولم يمكنه مراعاة الأدب والأدب أن يعتذر إلى من أذنب إليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم