كقول عبد الله بن عمر للذي سلم عليه وهو في الطواف فلم يرد عليه فشكاه فقال إنا كنا نتراءى الله في ذلك المكان أخبر عن تجلى الحق له بقوله كنا نتراءى الله وأخبر عن الاستتار بغيبته عن التسليم عليه وأنشدنا لبعض الكبار : سرائر الحق لا تبدو لمحتجب * أخفاه عنك فلا تعرض مخيفه لا تعن نفسك فيما لست تدركه * حاشا الحقيقة أن تبدو فتؤويه الباب التاسع والخمسون ( قولهم في الفناء والبقاء ) فالفناء هو أن يفنى عنه الحظوظ فلا يكون له في شيء من ذلك حظ ويسقط عنه التمييز فناء عن الأشياء كلها شغلا يما فنى به كما قال عامر بن عبد الله ما أبالي امرأة رأيت أم حائطا والحق يتولى تصريفه فيصرفه في وظائفه وموافقاته فيكون محفوظا فيما لله عليه مأخوذا عما له وعن جميع المخالفات فلا يكون له إليها سبيل وهو العصمة وذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم كنت له سمعا وبصرا الخبر والبقاء الذي يعقبه هو أن يفنى عما له ويبقى بما لله قال بعض الكبار البقاء مقام النبيين ألبسوا السكينة لا يمنعهم ما حل بهم عن فرضه ولا عن فضله « ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء » والباقي هو أن تصير الأشياء كلها له شيئا واحدا فتكون كل حركاته في موافقات الحق دون مخالفاته فيكون فانيا عن المخالفات باقيا في الموافقات