« آية 58 » * ( « سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ » ) * ، فمن كان من أولي العزم وكان أعزم من غيره - نحو : نوح عليه السّلام حيث إنّه تحمّل أعباء الرسالة ألفا إلَّا خمسين عاما - كان سلام اللَّه عليه أوسع من سلامه تعالى على غيره ، إذ لم يرد في حقّ غيره ما ورد في حقّه من السلام العالميّ ؛ لأنّ القرآن قد نطق في حقّه فقط بقول اللَّه تعالى : * ( « سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ » ) * [1] ، وأمّا في حقّ غيره فلا يوجد فيه عنوان « العالمين » . والملائكة يسلَّمون على المؤمنين ويقولون لهم * ( « سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ » ) * [2] ، وتحيّة أهل الجنّة بعضهم لبعض إنّما هي بالتسليم ، كما قال اللَّه تعالى * ( « دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ » ) * [3] . وهكذا تحيّة رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - لمن جاءه يتعلَّم منه معالم دينه ، كما قال اللَّه تعالى * ( « وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ » ) * [4] ، وهؤلاء على صنفين : أحدهما : من يتسلَّم السلام من اللَّه ويرى الرسول - صلَّى اللَّه عليه وآله - وسيطا في إبلاغه ، وهو الأوحديّ من أهل الإيمان . ثانيهما : من يتسلَّمه من نفس الرسول - صلَّى اللَّه عليه وآله - ولا يرى من هو أعلى منه وإن كان يعتقده ، وهو الأوسطيّ منهم ، وعلى أيّ تقدير يكون مجلس دراسة الرسول صلَّى اللَّه عليه وآله - الذي يعلَّم الناس الكتاب والحكمة ، ويزكَّيهم - هو مجلس السلامة ، كما أنّ ليلة القدر - الَّتي أنزل فيها القرآن ، وتنزّل الملائكة فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر سلام - أيضا . والذي لا ينبغي الذهول عنه هو : أنّ السلام الجدّيّ إنّما يتمشّى في اللقاء الجديد ، فمن كان مصاحبا لشخص ويكون مشغول الذكر به لا يسلَّم عليه ، بخلاف من كان غائبا ثمّ حضر فإنّه يتمشّى منه التسليم ، وحيث إنّ المصلَّي قد أسري