تقدير : لو اختير التسبيح لكان اللازم على السائر سبيل السرّ الصائر إليه أن يتنبّه بما ورد من سرّ تربيع التسبيح ، وأنّه واقعيّة عينيّة ينتظم بها العرش وما دونه ، حيث إنّه ورد في سبب تكعّب الكعبة وبنائها على الجدران الأربعة من التعليل بكون البيت المعمور مربّعا ، المعلَّل تربيع ذلك البيت المعمور بكون العرش مضلَّعا بأضلاع أربعة ، وجهات أربع ، المعلَّل تربيع العرش بكون التسبيح أربعا ، وهي : « سبحان اللَّه . » . والذي يستفاد من هذا التعليل هو : أنّ للتسبيح الجامع للتحميد والتهليل والتكبير وجودا خارجيّا ، وأثرا عينيّا مقدّما على العرش الذي منه ينتشئ الأوامر الإلهيّة ، وسببا لأن يهيّأ العرش على مثال ذلك التسبيح ، ولكلّ ضلع من أضلاع العرش حكم يختصّ به وإن كان الكلّ في الوجود الجمعيّ واحدا ، لا صدع ولا شعب فيه . فتبيّن في هذه الصلة أمور : الأوّل : أنّ للقرآن سرّا ، وأنّه لا مجال هنالك للَّفظ الاعتباريّ من العربيّة أو العبريّة أو نحو ذلك ، ولا يناله إلَّا اللبيب الذي لا يحوم حوم لبّه سوى حبّ المعبود المتكلَّم بذلك الكلام . الثاني : أنّ « بسم اللَّه » من العبد بمنزلة « كن » من الربّ ، وأنّه حاو لأعظم الأسماء . الثالث : أنّ الاسم المؤثّر في العين موجود خارجيّ لا اعتباريّ ، وأنّ ذلك الموجود العينيّ مسبّب ، ولا ينال ذلك إلَّا بخرق الحجب . الرابع : أنّ اللَّه هو الحامد والمحمود ، وعلل حصر الحمد فيه تعالى . الخامس : أنّ « الرحمن » اسم أعظم عند بعض أهل المعرفة . السادس : أنّ فاتحة الكتاب تحميد ودعاء كما في بعض النصوص [1] ، وأنّها