بسم الله الرحمن الرحيم وإيّاه نستعين الحمد للَّه الذي يعلم السرّ وأخفى ، والصلاة على صاحب سرّه الذي دنا فتدلَّى فكان قاب قوسين أو أدنى ، وعلى أهل بيته الَّذين هم مواضع سرّه ، وحماة أمره ، وعياب علمه ، وموائل حكمه ، وكهوف كتبه ، وحبال دينه ، بهم نتولَّى ، ومن أعدائهم نتبرّأ إلى الله الذي كلّ سرّ عنده علانية . وبعد ، فيقول العبد المفتاق إلى الله الجواد ، عبد الله الجواديّ الطبريّ الآمليّ : هذه وجيزة حول أسرار الصلاة ، معمولة ممّا ورثتها من السلف الصالح ، أو سنح لي وأورثته للخلف الفالح ، لتكون ذكري لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، راجيا منه سبحانه أن يصونها عن شوب طلب ما سواه ، وأن يجعلها خالصة لوجهه الذي لا بقاء لما عداه ، وأن يصحّح عيبها ، ويكمل نقصها ، ويتمّ قصرها ، ويقرّب بعدها ، حتّى تصير كلما طيّبا يصعد اليه . وحيث إنّ الصلاة عمود الدين : إن قبلت قبل ما سواها ، وإن ردّت ردّ ما سواها ، وكلّ عمل تابع للصلاة [1] تكون إسرارها أعمدة أسرار الدين ، إن نيلت وشوهدت إسرارها تنال وتشاهد أسرار ما عداها ، فبالحري أن يجاهد السالك ويجتهد العارف لأن ينال ويشهد ما هو عمود أسرار الدين ، حتّى ينال الدين كلَّه ويشهده تمامه ، ويستظلّ تحت ولائه جلّ شأنه ، يوم لا ظلّ إلَّا ظلَّه .
[1] نهج البلاغة : كتاب 27 « كلّ شيء من عملك تبع لصلاتك » .