الكفر أو الرياء ، كما يستفاد ممّا رواه الكليني رحمه اللَّه ، عن أبي عبد اللَّه - عليه السّلام - أنّه قال : ليس بين الإيمان والكفر إلَّا قلَّة العقل ، قيل : وكيف ذاك يا ابن رسول اللَّه ؟ قال عليه السّلام : إنّ العبد يرفع رغبته إلى مخلوق فلو أخلص نيّته للَّه لآتاه اللَّه الذي يريد في أسرع من ذلك [1] . وقريب منه ما رواه البرقيّ ، عن أبي جعفر - عليه السّلام - أنّه قال : ما بين الحقّ والباطل إلَّا قلَّة العقل ، قيل : وكيف ذلك يا ابن رسول اللَّه ؟ قال : إنّ العبد يعمل العمل الذي هو للَّه رضا فيريد به غير اللَّه ، فلو أنّه أخلص للَّه لجاءه الذي يريد في أسرع من ذلك [2] . ثمّ إنّ العقل النظريّ هو الفاروق بين الحقّ والباطل النظريّين ، والعقل العمليّ هو المائز بين العمليّ منهما ، فالمخلص عاقل ، ومن ليس بعاقل فليس بمخلص فيرائي ، كما أنّ العاقل ليس بمراء ، والمرائي ليس بعاقل . والذي يدور مداره الكلام هو : ما رواه أبو الفتوح الرازيّ في تفسيره ، عن حذيفة ابن اليمان قال : سألت رسول اللَّه - صلَّى اللَّه عليه وآله - عن الإخلاص ؟ فقال : سألته عن جبرئيل ؟ فقال : سألته عن اللَّه تعالى ؟ فقال : الإخلاص سرّ من سرّي أودعه في قلب من أحببته [3] . وذلك لأنّ العبد السالك إذا أحبّ اللَّه سبحانه يتّبع ما أنزل إليه بلسان حبيبه - أي : محبوبه - وهو الرسول الأكرم صلَّى اللَّه عليه وآله ، فإذا اتّبعه صار محبوبا للَّه تعالى ، إذ اتّباع المحبوب يورث المحبوبيّة كما قال تعالى * ( « قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ ا للهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ا للهُ » ) * [4] ، فإذا صار السالك الصالح محبوبا للَّه تعالى فيدرج تحت مواعيد القرب الولائيّ ، حيث إنّ اللَّه تعالى قد وعد من تقرّب إليه بالنوافل وصار محبوبا له تعالى بأمور لا ينبغي الذهول عنها ، نحو : كونه تعالى سمعا للعبد المتقرّب به
[1] جامع أحاديث الشيعة : ج 1 ص 374 . [2] المصدر نفسه : ص 375 . [3] المصدر نفسه : ص 375 . [4] آل عمران : 31 .